وكلمات الأصحاب من أن علاج الشك إنما يكون بالبناء على الأكثر ، نظير ما تقدم في الوجه الأول ـ : أن أخذ الشك في موضوع صلاة الاحتياط ينافي عرفا أخذ عدم الإتيان بالركعة واقعا بنحو يحتاج إلى إحرازه بالاستصحاب ، لوضوح أن الشك ينافي الإحراز عرفا وإن لم ينافه حقيقة. ولذا لا ريب في عدم مشروعية صلاة الاحتياط مع قيام البينة على عدم الإتيان بالركعة المشكوكة ، مع أن البينة تشارك الاستصحاب في إحراز عدم الإتيان بالركعة المشكوكة ، وفي بقاء الشك حقيقة.
ولذا كان المستفاد من نصوص العلاج أن موضوع صلاة الاحتياط هو الشك لا غير. وغاية ما يدعى أنه موضوع لوجوبها ظاهرا لا واقعا. وحينئذ لا يحتاج إلى الاستصحاب لإحراز عدم الإتيان بالركعة.
بل حمل قوله عليهالسلام : «ولا ينقض اليقين بالشك» على بيان موضوع صلاة الاحتياط ، مع قوله عليهالسلام : «ولا يدخل الشك ...» لبيان كيفيتها ، ثم تأكيده بقوله : «ولا يخلط ...» ، ثم تأكيد الأول بقوله عليهالسلام : «ولكنه ينقض ...» تكلف يوجب انحلال الكلام وعدم تناسقه. ومن ثم لا يتم الوجه المذكور.
على أنه لو غض النظر عما سبق في دفع هذه الوجوه فهي إنما تنهض ببيان إمكان إرادة الاستصحاب من الفقرة المذكورة ، ولا تنهض بتقريب ظهورها فيه ، لتنهض الصحيحة بالاستدلال بحيث يستغنى بها عن غيرها. ومجرد اشتمال بعض نصوص الاستصحاب على العبارة المذكورة لا يكفي في ذلك. كما يظهر مما يأتي عند الكلام في حديث الخصال.
ومنها : صحيحة إسحاق بن عمار : «قال لي أبو الحسن الأول عليهالسلام : إذا شككت فابن على اليقين. قلت : هذا أصل؟ قال : نعم» (١).
__________________
(١) الوسائل ج : ٥ باب : ٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ٢.