مراده ما يعم الوثوق ، حيث يصعب الالتزام بحصول القطع بصدور جميع الأخبار لجميع العاملين بها ، كما يأتي في حجة أدلة المثبتين.
على أنه من الإجماع المنقول الذي لا يعتمد عليه ما لم يوجب العلم بالواقع أو بالدليل المعتبر على معقده ، وهو لا يوجب ذلك ، بل ولا الظن ، لو لم ندّع العلم بعدم ثبوت معقده.
المقام الثاني : في حجة الإثبات في الجملة
كما هو المعروف من مذهب الأصحاب. وقد استدل عليه بالأدلة الأربعة.
الأول : الكتاب الكريم. وقد استدل منه بآيات ..
الأولى : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)(١). وتقريب الاستدلال بها : أن وجوب التبين كناية عن عدم حجية الخبر ، ومقتضى جعل موضوعه خبر الفاسق حجية خبر غير الفاسق. إما لأن في خبر الفاسق جهتين ذاتية ، وهي كونه خبر واحد ، وعرضية ، وهي كونه خبر فاسق ، فذكر الثانية وعدم ذكر الأولى ظاهر في عدم صلوح الأولى لاقتضاء الحكم ، وإلا كانت هي الأولى بالحكم ، إذ التعليل بالذاتي الصالح للعلية أولى من التعليل بالعرضي ، فلا بد أن يكون المقتضي لعدم الحجية هو الجهة الثانية ، ولا سيما مع مناسبتها للحكم عرفا ، حيث يناسب ذلك دخلها فيه وإما لأجل استفادة إناطته بالفسق من الشرط الدال على التعليق والظاهر في المفهوم على التحقيق.
لكن الأول راجع للاستدلال بمفهوم الوصف الذي تقدم في محله عدم تماميته. ومجرد المناسبة بين الوصف والحكم عرفا لا يوجب الظهور في المفهوم ، بل غايته الإشعار بالعلية ـ وإن لم تكن منحصرة ـ الذي لا يبلغ مرتبة الحجية. على أنه لا مجال له في خصوص المقام بناء على ما يأتي من عدم سوق
__________________
(١) سورة الحجرات الآية : ٦.