الفصل الثاني
في التجري
وقع الكلام في استحقاق العقاب بمخالفة التكليف المقطوع به مع خطأ القطع واقعا وكونه جهلا مركبا وهو المعروف عندهم بالتجري. وكلمات شيخنا الأعظم قدسسره مضطربة في تحديد محل النزاع ، وما يستفاد من مجموع كلماتهم أن النزاع .. تارة : في ثبوت التكليف واقعا في مورد القطع المذكور ، بحيث يكون مخالفته معصية حقيقية.
وأخرى : في حرمة التجري شرعا ، وهو نفس القصد للمعصية في ظرف الجري عليه بفعل ما يعتقد كونه معصية ، وإن لم يكن الفعل بنفسه محرما ، لفرض خطأ القطع.
وثالثة : في استحقاق العقاب بالتجري المذكور وإن لم يكن معه معصية حقيقية ، لكون موضوع استحقاق العقاب عقلا أعم منه ومن المعصية الحقيقية ، ولا يختص بالمعصية.
فالكلام في مقامات ثلاثة.
المقام الأول
في ثبوت التكليف واقعا في مورد القطع المذكور ، ولو بعنوان ثانوي
وقد يقرب بوجوه ..
الأول : أن موضوع التكاليف الواقعية في ظاهر الأدلة بدوا وإن كان هو العناوين الواقعية ـ كالخمر والكذب ـ إلا أنه لا بد من صرفه إلى ما يعتقد المكلف