ومثله ما عن الشيخ قدسسره من الاستدلال على أن الأصل في الأشياء الحظر أو الوقف بأن العقل يستقل بقبح الإقدام على ما لا يؤمن مفسدته ، وأنه كالإقدام على ما علم مفسدته.
لاندفاعه بمنع قبح الإقدام عقلا على ما لا يؤمن مفسدته ما لم يستلزم احتمال الضرر المساوق للعقاب ، وهو غير لازم في المقام بعد وجود المؤمن ، وهو قاعدة قبح العقاب بلا بيان. وقد تقدم في الوجه الثاني من وجوه الاستدلال على حجية الظن المطلق ما ينفع في المقام. فراجع.
وكيف كان فالظاهر أن الحكم المذكور مسلم عند الأخباريين ، وأن نزاعهم في المقام يبتني على دعوى وجود المخرج عنه ، وهو البيان الشرعي الوارد عليه.
ومن ثم استدل شيخنا الأعظم قدسسره عليه بالإجماع من المجتهدين والأخباريين. وإن كان الاستدلال على الحكم العقلي بالإجماع ونحوه من الأدلة التعبدية الشرعية في غير محله. إلا أن يكون لمجرد الاستظهار وسوق الأدلة الشرعية مساق الإرشاد للحكم العقلي المذكور. أو يكون المراد أنه لو فرض التشكيك في الحكم العقلي المذكور أمكن الاستدلال بالأدلة الشرعية على الأصل المذكور على أنه أصل شرعي أولي ، فلا يكون مرجع الإجماع إلى قبح العقاب ، بل إلى مجرد تأمين الشارع منه.
لكن الاستدلال بالإجماع حينئذ لا يخلو عن إشكال ، لقرب استناد المجمعين لحكم العقل المذكور أو لغيره مما يأتي الكلام فيه ، فلا يكون إجماعا تعبديا كاشفا عن حال الشارع. وأما ما يأتي من سيرتهم على الرجوع للبراءة في مقام الاستدلال ، فلعله مبتن على الأصل الثانوي لمثل حديث الرفع ، لا على الأصل الأولي الذي هو محل الكلام.