هذا بناء على التحقيق من الطريقية المحضة. أما بناء على السببية بأنحائها ـ من التصويب المنسوب للأشاعرة ، والتصويب المنسوب للمعتزلة ، والمصلحة السلوكية الراجعة إلى أن في متابعة الطريق مصلحة يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع في فرض الخطأ ـ فقيام الطريق يستلزم حدوث ملاك يقتضي شرعا العمل على طبقه ، ومن ثم قد يدعى أنه مع تنافي الملاكين عملا يتعين التخيير.
لكنه يندفع بأن حدوث الملاك المقتضي للعمل على طبق الطريق متفرع على حجية الطريق ، فمع امتناع حجية المتعارضين ـ لما سبق ـ يتعين فقد كل منهما للملاك المقتضي للعمل على طبقه ، ومعه لا موضوع للتخيير.
ثم إنه قد أشار المحقق الخراساني قدسسره لتقريب أصالة التساقط في المتعارضين بأنه حيث يمتنع حجية معلوم الكذب من الطرق ، وكان تعارض الطريقين مستلزما للعلم بكذب أحدهما إجمالا ، لزم العلم بقصور عموم الحجية عن أحدهما دون الآخر ، وحيث كان معلوم الكذب مرددا بينهما ، كان المورد من موارد اشتباه الحجة باللاحجة ، الموجب لسقوط كل منهما عن الحجية في خصوص مؤداه. نعم يجب ترتيب الأثر المشترك لحجية كل منهما ، لفرض حجية أحدهما.
ويشكل ـ مضافا إلى أن لازمه امتناع التخيير بين المتعارضين ، مع أنه لا إشكال في إمكانه ، بل لعل المشهور البناء عليه ، وأصرّ هو قدسسره على ذلك ـ بأن المتصف بالكذب وإن كان هو أحدهما بخصوصه على إجماله ، إلا أن معلوم الكذب هو أحدهما ، على ما هو عليه من الإبهام والترديد ، من دون أن ينطبق على أحدهما بخصوصه ، ومن المعلوم أن عموم الحجية إنما يقتضي حجية كل فرد بواقعه وخصوصيته من دون إبهام ولا ترديد ، فلا ينطبق معلوم الكذب على شيء من أفراد العام ، ليمتنع شمول العموم له.