ومن ثم يقع الكلام في هذه المسألة في مقامات :
الأول : في حجج المنع مطلقا.
الثاني : في حجج الإثبات في الجملة.
الثالث : في تحديد ما هو الحجة حسبما يستفاد من أدلة الحجية التي تنهض بالاستدلال. وهو من أهم مباحث المسألة. ولا يحسن إلحاقه بالمقام الثاني بالتعرض عند الكلام في كل دليل لمفاده سعة وضيقا ، لأنه يستلزم اضطراب الكلام. ومن سبحانه نستمد العون والتسديد.
المقام الأول : في حجج المنع مطلقا
فقد حكي المنع من حجية خبر الواحد مطلقا عن جماعة من الأكابر ، كالسيدين والقاضي والطبرسي وابن ادريس قدسسرهم ، بل ربما نسب للشيخين قدسسرهما.
وحيث كان عدم الحجية هو المطابق للأصل فهو غني عن الاستدلال ، وفائدة الاستدلال حينئذ تأكيد مقتضى الأصل. مع أنه لو تم كان مانعا من أدلة المثبتين ـ لو تمت في أنفسها ـ أو معارضا لها بنحو يلزم النظر في كيفية الجمع بينها.
وكيف كان فقد استدل عليه بالأدلة الأربعة. وقد تقدم في مقدمة مباحث الحجج التعرض لدليل العقل القاضي بامتناع التعبد بغير العلم من دون خصوصية للخبر ، والجواب عنه بما لا مزيد عليه.
كما أن عمدة الأدلة من الكتاب هو العمومات الناهية عن التمسك بغير العلم أو بالظن ونحوها مما تقدم التعرض له في مقدمة مباحث الحجج أيضا ، عند الكلام في أصالة عدم حجية غير العلم. وقد سبق أنه لا ينهض بإثبات العموم. ولو نهض به أمكن تخصيصه بأدلة الحجية ، على كلام في خصوص سيرة العقلاء التي استدل بها على حجية الخبر يأتي التعرض له إن شاء الله تعالى. كما يأتي الكلام عند الاستدلال على الحجية ب آية النبأ في نهوض