المتقدم. وليس المراد بالإنذار بالأحكام الشرعية الذي استفيد من الآية حجيته إلا الإخبار عنها ، وهو يصدق على الخبر بها وإن لم يعلم صدقه.
وأما المثال المذكور فحمله على صورة العلم بصدق الخبر موقوف على عدم إعلام من يصله الخبر بحجيته ، ولو لعدم إعلامه بتكليف صاحبه بالإخبار.
وذلك لا يجري في المقام بعد خطاب الكل بالنفر والتفقه والإنذار والحذر ، ومطابقة ترتب الحذر على الإنذار للمرتكزات العقلائية التي يظهر من الآية إمضاؤها كما تقدم.
فالعمدة في الإشكال في الاستدلال بالآية الشريفة ما ذكره غير واحد على تفصيل لا يسعه المقام. والأولى تقريبه بأن الإنذار والتفقه من وظيفة المفتي ، لا الراوي ، لأن التفقه في الدين عبارة عن معرفة أحكامه ، وهو لا يكون بمجرد تحمل الرواية وحفظها ، بل باستحصال الحكم منها ، لتمامية دلالتها بملاحظة القرائن الخارجية وعدم المعارض لها. كما أن الإنذار عبارة عن الإخبار مع التخويف ، وهو لا يكون بمجرد الإخبار عن المعصوم ، بل بالإخبار بالتكليف المستلزم للعقاب ، وهو الذي يستحصله الفقيه من الرواية.
نعم قد يظهر من معتبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليهالسلام صدق الإنذار والتفقه بمجرد تحمل الرواية وروايتها ، لقوله فيه : «إنما أمروا بالحج لعلة الوفادة إلى الله عزوجل ... مع ما فيه من التفقه ونقل أخبار الأئمة عليهمالسلام إلى كل صقع وناحية ، كما قال الله عزوجل : فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ...» (١). لكن الاعتماد عليه في الخروج عن ظاهر الآية راجع إلى الاستدلال بالسنة لا بالكتاب. مع قرب حمله على الراوي الفقيه المتعهد بمضمون الرواية ، الذي يأتي التعرض له.
__________________
(١) الوسائل ج : ٨ باب : ١ من أبواب وجوب الحج وشرائطه حديث : ١٥.