عصى غيره. فإن تمّ كان مقتضى الآية حجية الخبر من المنذرين بنحو صرف الوجود الشامل لإنذار الواحد ، لأن الحذر إذا كان غاية لوجوب الإنذار بنحو الانحلال دل على كفاية إنذار الواحد في وجوب الحذر الملازم لحجيته.
وما ذكره قدسسره مقطوع به في وجوب الحذر ، بل وفي وجوب الإنذار أيضا ، حيث لا إشكال ظاهرا في وجوب الإنذار على كل واحد من المتفقهين حتى لو عصى غيره. ومن ثم يكون هو الظاهر في التفقه أيضا ، كما هو الظاهر في غالب الخطابات الشرعية الموجهة للجميع. ولذا استفيد من الآية الشريفة وجوب الاجتهاد وتبليغ الأحكام كفاية على كل أحد وإن لم يقم به غيره. وبذلك يندفع الإشكال المذكور.
وأما الاستشهاد في النصوص بالآية الشريفة لوجوب النفر لمعرفة الإمام فهو بلحاظ ظهورها في جواز الاستعانة بالغير في الفحص وعدم وجوب مباشرة كل أحد له ، لا لظهورها في اعتبار المعرفة العلمية. ولزوم كون معرفة الإمام علمية مستفاد من دليل خاص غير الآية.
الثالث : أن التفقه الواجب إنما هو معرفة الأحكام الشرعية والإنذار الواجب إنما يكون بها ، والحذر إنما يجب على المكلف عقيبه لا عقيب كل إنذار ، لأن الحذر في الحقيقة إنما يكون بسبب الحكم الشرعي الواقعي ، ولا يحرز المكلف كون الخبر إنذارا بالحكم الشرعي إلا إذا أحرز صدقه ، فلا يكون وجوب الحذر شرعيا راجعا إلى حجية الخبر ظاهرا ، بل عقليا راجعا لوجوب طاعة الأحكام الشرعية ، فيخرج عن محل الكلام ، فالآية نظير قولنا : أخبر زيدا بأوامري لعله يمتثلها ، حيث يراد به فرض علمه بصدق الخبر.
وفيه : أن الحذر وإن كان في الحقيقة بسبب الحكم الشرعي ، إلا أنه لا مانع من كون الإنذار طريقا شرعيا لمعرفته وحجة عليه ، كما هو ظاهر الآية بالتقريب