الفحص. بدعوى : أن المأتي به في حال الجهل على خلاف المطلوب الواقعي إن لم يكن وافيا بغرض الواقع الأولي امتنع إجزاؤه ، وإن كان وافيا تعين كون المكلف به هو الأعم منهما ، لتبعية التكليف للغرض ، وذلك لا يناسب وجوب الفحص عن الواقع المستلزم لانحصار الغرض به ، وفوته بفوته ، بحيث يكون سببا لاستحقاق العقاب ، كما تقدم.
وقد أطال شيخنا الأعظم قدسسره ومن تأخر عنه في حلّ الإشكال بما لا مجال لإطالة الكلام فيه ، بعد عدم التنافي بين الأمرين ، وإمكان الجمع بينهما.
لأن الإجزاء كما يمكن أن يكون لوفاء المأتي به حال الجهل بملاك الواقع الأولي ، أو لتبدل الملاك المستلزم لعدم العقاب ، كذلك يمكن أن يكون لمانعية المأتي به من استيفاء تمام ملاك الواقع من دون أن يفي به ، كما لو تعلق الغرض بإطعام اللحم ، لخصوصية في اللحم زائدة على الإشباع ، فأطعمه التمر حتى أشبعه ، ولم يكن التمر وافيا بفائدة اللحم الخاصة ، إلا أنه حيث يوجب الامتلاء يتعذر إطعام اللحم وتحصيل فائدته ، فيتعين الإجتزاء بالتمر عن اللحم.
الخامس : لا يخفى أن أدلة وجوب الفحص المتقدمة مختصة بالشبهات الحكمية. أما الشبهات الموضوعية فمقتضى إطلاق أدلة حجية الأمارات الواصلة والأصول جواز الرجوع إليها من دون فحص.
بل بعضها صريح في ذلك ، كصحيحة زرارة الثانية المتقدمة في أدلة الاستصحاب ، المتضمنة عدم وجوب النظر في الثوب الذي يحتمل إصابة النجاسة له (١) ، عملا بأصالة الطهارة ، أو استصحابها ، والنصوص المتضمنة عدم وجوب السؤال عن ذكاة الجلود المأخوذة من المسلمين (٢) ، عملا بأمارية
__________________
(١) الوسائل ج : ٢ باب : ٣٧ من أبواب النجاسات حديث : ١.
(٢) راجع الوسائل ج : ٢ باب : ٥٠ من أبواب النجاسات.