لها من دواء وغذاء أو غيرهما ، والحرام ما كان مانعا منها أو رافعا لها. وما لا دخل له في المرتبة المذكورة ، بل هو دخيل بأحد النحوين في المرتبة الزائدة عليها يكون مستحبا أو مكروها.
الثاني : أن القاعدة المذكورة لو تمت فهي من القواعد الواقعية في مقام التزاحم بين المصلحة والمفسدة المعلومتين ، وليست من القواعد الظاهرية عند الدوران بين المصلحة والمفسدة ، لتقتضي ترجيح احتمال المفسدة على احتمال المصلحة عملا ، كي تنفع فيما نحن فيه ، لما هو المرتكز من أن منشأ الأولوية أهمية المفسدة من المصلحة ، ومن الظاهر أن أهمية أحد التكليفين إنما تقتضي ترجيحه عند التزاحم ، لا تقديم احتماله على احتمال المهم عند الدوران بينهما.
المقام الثاني : في مقتضى الأصل الثانوي الشرعي
والظاهر أن مقتضى إطلاق أدلة البراءة الشرعية عدم الحرج من حيثية كل من طرفي الترديد بخصوصيته ، لتحقق موضوعها ـ وهو الشك والجهل ـ بالإضافة إلى كل منهما ، والعلم الإجمالي بثبوت أحدهما لا يكون مانعا من ذلك بعد ما سبق من امتناع منجزيته.
ودعوى : امتناع رفع كلا الحكمين ظاهرا ، لأن إمكانه فرع إمكان وضعهما معا ظاهرا تعيينا أو تخييرا ، وهو ممتنع ، كما سبق. مدفوعة بأن المدعى في المقام رفع كل منهما بتطبيق إطلاق الأدلة عليه بخصوصيته ، فكل تطبيق يقتضي رفع أحدهما وحده ، وهو إنما يتوقف على إمكان وضع ذلك الحكم وحده بإيجاب الاحتياط فيه ، وهو حاصل في المقام. على أنه يكفي في إمكان رفعهما معا إمكان وضع أحدهما بخصوصيته ، لا إمكان وضعهما معا تعيينا أو تخييرا ، لأن نقيض السالبة الكلية موجبة جزئية ، لا كلية.