الاختيار في فرد منه يكون موردا للتكليف ، ولذا ورد الحث على نية الخير والردع عن نية الشر (١).
فالأولى توجيه عدم وقوعه موردا للتكليف بأن المحرم إن كان هو مطلق العزم على المعصية ولو مع الإصابة لزم تعدد المعصية في صورة الإصابة ، ولا يظن التزام أحد به ، وإن كان خصوص العزم الخاطئ فهو بسبب امتناع الالتفات إليه حين وجوده يلغو تحريمه ولا يصلح للداعوية. ومنه يظهر لزوم حمل ما دل على الحث على نية الخير والردع عن نية الشر على الإرشاد حتى لو استتبع الثواب والعقاب ، لما يأتي من عدم ملازمتهما للتكليف.
المقام الثالث
في استحقاق العقاب بالتجري مع عدم التكليف المولوي
ومرجعه إلى عدم اختصاص موضوع الاستحقاق بالمعصية الحقيقية ، بل يعم التجري ، فتكون المسألة عقلية صرفة ، بخلافها على الوجهين الأولين.
وعن السبزواري توجيه ذلك بأنه لا فرق بين المعصية الحقيقية والتجري إلا في إصابة الواقع وعدمها ، ولا يكون ذلك معيارا في استحقاق العقاب ، لخروجه عن الاختيار ، وليس الأمر الاختياري إلا الإقدام على ما يعتقد كونه معصية ، وهو مشترك بين الأمرين.
ويندفع بأن ذلك إنما يمنع من كون إصابة الواقع هي العلة التامة في استحقاق العقاب ، ولا يستلزم كون العلة التامة له هي القصد إلى المعصية ، بل يمكن دعوى : أن المقتضي للاستحقاق هو الواقع والقصد إلى المعصية شرط له متمم لعلته ، فعدم الاستحقاق مع التجري لعدم المقتضي له ، لا لكون العلة التامة هي إصابة الواقع الخارجة عن الاختيار.
__________________
(١) راجع الوسائل ج : ١ باب : ٦ ، ٧ من أبواب مقدمة العبادات.