الإتيان بالأقل يتردد التكليف المستصحب بين مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع ، وفي مثله لا يجري الاستصحاب على التحقيق على ما يأتي إن شاء الله تعالى في مبحث الاستصحاب.
وثانيا : لأن استصحاب التكليف لا يزيد على العلم به ، فكما كان العلم بالتكليف المردد بين الأقل والأكثر لا يقتضي إلا تنجز الأقل ، فكذلك استصحابه لا يقتضي إلا تنجز الأقل ، وحيث يمتنع تنجزه لفرض الإتيان به ، يمتنع جريان الاستصحاب. فلاحظ.
«وأما على الثاني» : وهو أن مقتضى الأصل العقلي الاحتياط ، فقد سبق ابتناء حكم العقل المذكور على أحد وجوه ثلاثة إما العلم الإجمالي بوجوب الأقل أو الأكثر ـ بناء على عدم انحلاله بالعلم بوجوب الأقل على كل حال ـ أو لزوم إحراز الفراغ عن الأقل المنجز على كل حال بالحفاظ على الخصوصية المحتملة التي لا يحرز الفراغ عنه بدونها ، أو لزوم إحراز حصول غرض المولى بفعل ما يتوقف حصوله عليه وهو الأكثر.
وحينئذ من الظاهر أنه على الوجهين الأخيرين لا مجال للتعويل على عمومات البراءة الشرعية في ترك الأكثر ، لأن رفع التكليف بالأكثر من حيثية عدم العلم بالتكليف به وعدم المؤاخذة عليه لأجل ذلك لا ينافي لزوم الإتيان به من أجل لزوم إحراز الفراغ عن التكليف أو الغرض المعلومين ، لأن اللامقتضي لا يزاحم المقتضي ولا يمنع من تأثيره ، بل يتعين العمل على المقتضي.
وأما على الوجه الأول ـ وهو العلم الإجمالي ـ فحيث كان مبنى الاستدلال به على وجوب الاحتياط عدم انحلاله بالعلم بوجوب الأقل على كل حال ، بل لا بد في انحلاله به من العلم بكون الأقل تمام المكلف به ، بحيث يكون التكليف به استقلاليا ، فمن الظاهر عدم نهوض عمومات البراءة بذلك ، بل هي