تقليد الميت في صورة الاختلاف.
نعم يتجه تقليد الميت في صورتين :
الأولى : ما إذا كان أعلم من الحي بمرتبة معتد بها ، فالمتعين تقليده ، لأن الأعلمية من المرجحات العقلائية كما سيأتي. وإن كان الفرض المذكور ليس بذلك الشيوع ، لأن تطور العلم يناسب كون المتأخرين أعلم ، لو لم يفقدوا الذوق الفقهي في فهم النصوص. بل لا ريب في أنهم نوعا أمتن استدلالا ، وأضبط للقواعد ، وأقدر على إعمالها إذا بقي العلم في تطوره وتكامله.
غاية الأمر أنه يعلم في الجملة بتيسر بعض الأدلة والقرائن للقدماء المقاربين لعصور الأئمة عليهمالسلام ، كمعرفة حال الرواة ، وصحة الكتب ، ونحو ذلك مما خفي بعضه على المتأخرين. إلا أن عدم انضباط ذلك أوجب عدم إدراك حالهم فيه.
الثانية : ما إذا سبقت حجية فتواه في حق المكلف حال حياته ، كما لو قلده بوجه شرعي ثم مات ، بناء على ما هو الظاهر من جريان استصحاب حجية رأيه في حقه ، كما يظهر مما تقدم في مقدمة علم الأصول من أن الحجية من الأحكام المجعولة التي تجري فيها الاستصحاب.
هذا وما ذكرناه في الموت يجري في سائر ما يعرض للمجتهد مما يسقطه عن كونه ذا رأي وفتوى ـ كالخرف والجنون ـ أو يسقط حجية رأيه ـ كالفسق ـ كما يظهر بالتأمل.
المسألة الثالثة : إذا تعدد المجتهدون ، فإن اتفقوا فلا إشكال في جواز الرجوع لكل منهم ، كما يجوز الرجوع لهم جميعا. من دون فرق بين التفاضل بينهم وعدمه ، لعموم أدلة التقليد من الآية والروايات والسيرة. وما دل على عدم جواز تقليد المفضول ـ لو تم ـ مختص بصورة الاختلاف.