لكنه يندفع بأنه حيث لا إشكال في عدم معارضة الأصل الجاري في الأثر الشرعي للأصل الجاري في ذي الأثر ، لما يأتي في محله من حكومة الأصل السببي على الأصل المسببي ، أمكن البناء على ذلك في الأثر غير الشرعي ، لو قيل باعتبار الأصل المثبت. وحينئذ لا تتم المعارضة إلا فيما إذا لم يكن أحد المتلازمين أثرا للآخر لا شرعا ولا خارجا ، كما لو علم إجمالا بتطهير أحد الإنائين النجسين ، حيث يكون مقتضى استصحاب نجاسة كل منهما ـ بناء على اعتبار الأصل المثبت ـ طهارة الآخر ، فيتم التعارض حينئذ ، ويظهر أثر اعتبار الأصل المثبت في مورد يكون أحد المتلازمين أثرا للآخر ، كما هو كثير.
بقي في المقام أمور ..
الأمر الأول : قد يستثنى من عدم اعتبار الأصل المثبت موارد ، عمدتها ما ذكره شيخنا الأعظم قدسسره من أن الواسطة التي يستند إليها الأثر حقيقة إذا كانت خفية ، بحيث يغفل عنها ويعد أثرها عرفا أثرا للمستصحب لم يبعد نهوض الاستصحاب بإحراز أثرها المذكور.
وقد مثل قدسسره لذلك بأمرين الأول : استصحاب بقاء رطوبة أحد المتلاقيين إذا كان أحدهما نجسا لإحراز انفعال الآخر به ، مع أن انفعاله من آثار سراية النجاسة الملازمة لبقاء الرطوبة الثاني : استصحاب بقاء شهر رمضان وعدم دخول شهر شوال يوم الشك لإحراز كون اليوم الثاني عيدا ، ليترتب عليه أحكامه ، من الصلاة والفطرة وغيرها ، مع كون التلازم بين الأمرين خارجيا لا شرعيا.
ويشكل أولا : بأنه لا ضابط لخفاء الواسطة ، إذ لا يتضح الفرق بين الاستصحابين المذكورين واستصحاب بقاء الماء في الحوض لإحراز طهارة ما وقع فيه ، التي هي من آثار لازمه الخارجي ، وهو إصابة الماء له ، وكذا