الفصل الخامس
في استصحاب الحكم الشرعي
وليس المراد به الحكم الكبروي الإنشائي ، الذي هو مفاد القضية الشرطية أو الحقيقية الراجعة إليها ، فإنه يأتي الكلام في استصحابه في الفصلين الآتيين.
بل المراد به الحكم الفعلي التابع لفعلية موضوعه ، سواء كان الشك في بقائه للشبهة الموضوعية ، كما لو شك في بقاء نجاسة الماء للشك في وقوع المطر عليه ، أو شكت المرأة في بقاء وجوب الصلاة عليها لاحتمال طروء الحيض عليها في أثناء الوقت قبل أن تصلي ، أم للشبهة الحكمية ، كما لو شك في طهارة الماء النجس المتمم كرا بطاهر ، أو في وجوب قضاء الموقت إذا فات وقته ، أم للشبهة المفهومية ، كما إذا شك في طهارة المتنجس بغسله في الماء الذي يحتمل كونه كرا للشك في تحديد الكر ، أو شك في بقاء وجوب الصوم بعد سقوط القرص قبل ذهاب الحمرة المشرقية ، للشك في تحديد النهار شرعا بأحد الأمرين.
وقد استشكل في جريان الاستصحاب فيه من وجهين :
الوجه الأول : عدم اتحاد المشكوك مع المتيقن ، لأن المتيقن هو الحكم المقيد بالزمان الخاص أو الحال الخاص المفروض انقضاؤه ، فاستصحاب الحكم لما بعده إثبات لحكم آخر مباين له ، وليس هو من الاستصحاب في شيء. وهذا بخلاف الأمور الخارجية كالعدالة والبياض ، فإنها لا تقبل التقييد إذ لا معنى للتقييد في التكوينيات ، بل ليس الزمان المتيقن إلا ظرفا لها من دون أن