الشريفة ، لقرب نزولها في علماء أهل الكتاب وكتمانهم لعلامات النبي صلىاللهعليهوآله التي يعتبر فيها العلم.
نعم قد تدعى الملازمة العرفية بين وجوب الإخبار ووجوب القبول وإن لم يكن بينهما ملازمة واقعية. لكنها ـ لو تمت ـ مختصة بما إذا كان الغالب انحصار طريق معرفة الشيء بالإخبار المأمور به ، ولم يكن الغالب فيه إفادة العلم. ولعل منه إخبار النساء بما في أرحامهن ، دون المقام ، لعدم انحصار المعرفة بأخبار الآحاد ، خصوصا في عصر نزول الآية.
هذا مع أن موضوع الآية الشريفة ما أنزله الله تعالى في الكتاب ، وهو في الفقه الحكم الشرعي الذي يكون بيانه وظيفة المجتهد دون الراوي ، فإنه لا يحكي إلا كلام الإمام أو نحوه ، وهو وإن كان ملازما في الجملة لما أنزله الله تعالى إلا أن الملزوم غير محكي له ، كما تقدم نظيره في آية النفر. فتأمل جيدا.
الآية الرابعة والخامسة : قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١). وقوله سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٢). فإنهما ظاهران في أن وظيفة الجاهل السؤال من العالم ، تنبيها إلى سيرة العقلاء الارتكازية على ذلك. ومن ثم ينصرف إلى خبر الثقة ، نظير ما تقدم في آية النفر.
ودعوى : أن ظاهر أهل الذكر بقرينة السياق إرادة علماء أهل الكتاب ، كما عن بعض المفسرين. مدفوعة بأن ورود القضية مورد الإمضاء لسيرة العقلاء الارتكازية موجب لإلغاء خصوصية موردها عرفا لو تم عدم العموم فيها لفظا.
على أنه لم يتضح وجه اقتضاء قرينة السياق ذلك ، إذ غاية ما يقال في
__________________
(١) سورة النحل الآية : ٤٣.
(٢) سورة الأنبياء الآية : ٧.