ومن هنا لا مجال للبناء على مرجوحية الاحتياط في نفسه شرعا في الشبهة الموضوعية ، فضلا عن الحكمية. غاية الأمر أنه لا بد من التسليم للترخيص الشرعي الظاهري وسكون النفس له. كما أنه يرجح استعمال الرخص من أجل التيسير انتفاعا بنعمته تعالى وشكرا له على جعلها. وإن كان الاحتياط أيضا حسنا ، خصوصا في الشبهة الحكمية.
الأمر الثاني : حيث سبق حسن الاحتياط عقلا فقد وقع الكلام بينهم في حسنه شرعا والأمر به مولويا ، فقد استفاضت النصوص المتقدمة ـ التي استدل بها الأخباريون على وجوب الاحتياط ـ بالأمر به والحث عليه ، وبعد فرض عدم حملها على الوجوب لتحكيم أدلة البراءة عليها فقد يستدل بها على استحباب الاحتياط شرعا ، لحمل الأمر فيها على المولوية على ما هو الأصل في الأوامر الشرعية.
لكن لا يخفى أن النصوص المشار إليها طائفتان :
الأولى : ما تضمن الأمر به بملاك تحصيل الواقع المحتمل ، مثل ما تضمن الأمر بالاحتياط وما تضمن الأمر بالوقوف عند الشبهة خوف الوقوع في المحرم والهلاك بذلك. ولا مجال للاستدلال بها على استحباب الاحتياط في مورد البراءة ، لما تقدم من حملها على الشبهات المنجزة التي يكون الاحتياط فيها لازما ، ولا تجري معه البراءة ، وهو المناسب لقوة ظهور بعضها في الإلزام ، بسبب تضمنها التعرض للهلكة مع الأخذ بالشبهة.
وأما ما يظهر من شيخنا الأعظم قدسسره من حمل الهلكة فيها على مطلق ما يترتب على الاقتحام في الشبهة ومخالفة احتمال التكليف ، فإن كانت الشبهة منجزة كان الأثر العقاب ، وإلا كان الأثر فوت التكاليف الواقعية وعدم الانقياد بالحفاظ عليها. فهو مخالف للظاهر جدا ، وإنما يمكن ذلك في خصوص