الموضوع لا يوجب تعدد الأمر التدريجي بعد فرض اتصاله بتعاقب أجزائه ، فإذا كان موضوع الأثر جريان الماء في الساقية ، فتعدد الماء لا ينافي وحدة الجريان واستمراره.
بقي شيء
وهو أنه حيث تقدم جريان الاستصحاب في الأمور التدريجية ، فالمتعين جريان الاستصحاب في الزمان بما له من عناوين خاصة ـ كاليوم والليل والشهر ـ إذا كانت موردا للأثر. كما يجري أيضا في الحدود الزمانية ـ كالزوال وغياب الشمس وطلوع الفجر ـ إذا كانت موردا للأثر أيضا ، فيستصحب عدمها ، كما هو الحال في سائر الحوادث المسبوقة بالعدم. وإنما المهم الكلام هنا في أمرين :
الأمر الأول : ما أشار إليه شيخنا الأعظم قدسسره من أن استصحاب الزمان إنما ينفع فيما إذا كان موضوع الأثر هو وجوده بمفاد كان التامة ، دون ما إذا كان موضوعه ظرفية الزمان زائدا على وجوده بمفاد كان الناقصة. فإذا كان الواجب مثلا هو الصوم والنهار موجود أمكن استصحاب النهار لإحراز الامتثال بالصوم المقارن له. أما إذا كان الواجب هو الصوم في النهار فاستصحاب النهار لا يحرز ظرفيته للصوم الواقع في الزمان المشكوك حاله ، لأن الظرفية أمر زائد على وجود النهار قائم به وبالصوم لا وجود له قبل وجودهما معا ، واستصحاب النهار لا يحرزها إلا بناء على الأصل المثبت ، لاستلزام بقاء النهار حين الصوم وقوع الصوم فيه. فهو نظير استصحاب بقاء الخيمة منصوبة ـ لو شك في تقويضها ـ لإحراز كون الصلاة في مكانها صلاة في الخيمة.
كما أن استصحاب بقاء النهار لا يحرز كون الزمان الخاص الذي يقع فيه الصوم نهارا ، إلا بناء على الأصل المثبت ، نظير استصحاب بقاء الكرّ في الحوض لإحراز كرية الماء الموجود فيه.