وخانوا أماناتهم ...» (١) ، فإن تعليل عدم القبول من غير الشيعة بخيانتهم ظاهر في كون منشئه عدم الوثوق بهم. وكذلك ما ورد في كتب بني فضال (٢) ، وما تقدم في تفسير قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) الظاهر في حجية خبر المضيع للحديث (٣) الذي هو غير عادل غالبا. فإن النصوص المذكورة ظاهرة في حجية خبر الثقة وإن لم يكن عدلا.
وهي معتضدة بإطلاق قوله عليهالسلام في صحيح حريز المتقدم عند الكلام في آية الإيذاء : «فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم» (٤) ، ونحوه مرسلة (٥) ، حيث يلزم الاقتصار في تقييده على المتيقن وهو الوثاقة ، دون العدالة التي هي أخص.
بل هو المستفاد من جملة من النصوص المتقدمة الظاهرة في المفروغية عن حجية الخبر وإن لم يكن لها إطلاق في ذلك ، لظهورها في الجري في الحجية على مقتضى سيرة العقلاء الارتكازية ، حيث لا إشكال في قبول خبر الثقة بمقتضى سيرتهم.
ومن هنا لا ينبغي التأمل في استفادة حجية خبر الثقة من النصوص ، وعدم اعتبار العدالة في الراوي.
وأما الإجماع فقد سبق أن الاستدلال به إنما يكون بالإجماع العملي منه الراجع لعمل علماء الشيعة ، وسيرة المتشرعة ، وسيرة العقلاء. ولا ينبغي الريب في عمل قدماء الأصحاب من العلماء بخبر الثقة وإن لم يكن إماميا عادلا ، كما يظهر بأدنى ملاحظة لكتب الجرح والتعديل وطريقة أهل الفتوى والاستدلال.
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ١١ من أبواب صفات القاضي حديث : ٤٢.
(٢) الوسائل ج : ١٨ باب : ٨ من أبواب صفات القاضي حديث : ٧٩.
(٣) الوسائل ج : ١٨ باب : ٨ من أبواب صفات القاضي حديث : ٤٥.
(٤) الوسائل ج : ١٣ باب : ٦ من أبواب الوديعة حديث : ١.
(٥) تفسير العياشي ج : ٢ ص : ٩٥ حديث : ٨٣ من تفسير سورة براءة.