خاتمة
في وجوب الفحص
لا بد للمجتهد في مقام الاستنباط ، وتشخيص وظيفته ووظيفة العامي ، من استفراغ الوسع في الفحص عن الأدلة ، والمعارضات ، والقرائن الدخيلة في تعيين مفاد الدليل. وليس له الاكتفاء بما وصل له من الأدلة ، فضلا عن الرجوع للأصل من دون فحص عن الدليل لو لم يطلع عليه.
والظاهر عدم الإشكال بينهم في ذلك ، كما يناسبه أخذ كثير منهم استفراغ الوسع في تعريف الاجتهاد. بل لعل إطلاقهم الاجتهاد إنما هو بلحاظ ذلك ، لمناسبته لمعناه لغة. ومرجع ذلك إلى قصور أدلة الحجج والأصول عن صورة عدم الفحص ، فلا يمكن الرجوع إليها.
وكيف كان فيستدل على وجوب الفحص بأمور ..
الأول : الإجماع ، فإنه وإن لم أعثر على من ادعاه على عموم الدعوى المذكورة. إلا أنه قد يستفاد من مجموع كلماتهم ، فقد ادعى شيخنا الأعظم قدسسره الإجماع القطعي على عدم جواز الرجوع للبراءة قبل استفراغ الوسع في الأدلة. وذكر بعض أعاظم تلامذته في حاشيته على الرسائل أنه لا ريب فيه ، كما يظهر بأدنى فحص في كلماتهم ، بل الحق إجماع علماء الإسلام عليه. انتهى. كما أنه حكى في المعالم عن جمع من المحققين أن العمل بالعموم قبل البحث عن المخصص ممتنع إجماعا. بل يظهر المفروغية عنه من استدلاله على ذلك بأن المجتهد يجب عليه البحث عن الأدلة وكيفية دلالتها.
وهو المناسب لسيرة الفقهاء في مقام الاستنباط والفتوى ، لاهتمامهم