الثاني : أن أكثر الأدلة المتقدمة كما تجري في حق المجتهد في مقام الاستنباط ـ لعمله وللفتوى ـ تجري في حق غيره ، فليس للعامي العمل بمقتضى الأصول أو غيرها إذا احتمل قيام الأدلة على خلافها ، بل يجب عليه الفحص عن مفاد الأدلة بالسؤال من المجتهد. لوضوح مشاركته للمجتهد في الإجماع ، والعلم الإجمالي ، والطائفة الثانية من النصوص ، بل لعله المتيقن من كثير منها. نعم تقصر عنه الطائفة الأولى منها. وهو غير مهم.
الثالث : تقدم قصور وجوب الفحص عما إذا أمن فوت التكاليف الواقعية ، للاحتياط ، أو لعدم الابتلاء. كما لا إشكال في وجوبه مع التعرّض لفوت التكاليف الواقعية التي يعلم بالابتلاء بمواردها.
وأما مع الشك في الابتلاء ، فالظاهر وجوب الفحص ، لا للعلم الإجمالي ، لعدم صلوحه لتنجيز احتمال المخالفة مع عدم إحراز الابتلاء بها ، بل لأدلة وجوب التعلم والتفقه ، لشمول العناوين المأخوذة فيها من التعلم والتفقه والسؤال للتكليف المذكور من دون محذور ، لأن وجوب التعلم لما كان طريقيا كفى في تحقق موضوعه وإمكانه الخوف من فوت الواقع بسبب الجهل وإن لم يحرز الابتلاء به.
بل لعل المتيقن من بعض النصوص المتقدمة ذلك ، كصحيح مسعدة بن زياد الوارد في من أطال الجلوس في الخلاء لاستماع الغناء ، ونصوص غسل المجدور والجريح. ولا يبعد بناء الأصحاب على ذلك ، بحيث يدخل في معقد إجماعهم.
الرابع : لا يخفى أن وجوب التعلم لما كان طريقيا يتفرع عليه قصور أدلة حجية الأدلة الواصلة والأصول عن صورة عدم الفحص ، فهو إنما يقتضي عدم الاجتزاء ظاهرا بالعمل الواقع من دون فحص.