الفصل السادس
في استصحاب أحكام الشرائع السابقة
تمهيد
لا إشكال في إمكان نسخ الأحكام الشرعية والعرفية ووقوعه.
والظاهر رجوعه إلى رفع الحكم بعد ثبوته ، نظير فسخ العقد ، وحلّ النذر ، فإن للحكم نحوا من الوجود الاعتباري تابعا لمن بيده جعله واعتباره ، فكما كان له تشريعه وجعله كان له رفعه ونسخه ، كما يشهد بذلك الرجوع للمرتكزات العرفية.
نعم إذا كان جاعل الحكم حكيما فلا بد من غرض عقلائي له في جعل الحكم ونسخه. ويكفي في ذلك ثبوت المصلحة في نفس جعل الحكم على نحو الإطلاق لا في متعلقه ، ثم انتهاء أمد تلك المصلحة. بل إن أمكن في حقه الجهل أمكن أن يكون مصحح جعل الحكم تخيل وجود المصلحة في نفس الحكم أو في المتعلق ، ومصحح النسخ انكشاف الخطأ له في ذلك.
هذا وقد يدعى رجوع النسخ إلى التخصيص في الأزمان ورفع اليد عن إطلاق دليله أو عمومه الأزماني المقتضي لاستمراره.
لكنه يشكل أولا : بأن الحكم المنسوخ قد يختص بواقعة واحدة لا استمرار لها ، كأمر إبراهيم عليهالسلام بذبح ولده. وأن دليله قد يكون لبيا أو لفظيا نصا في العموم لا يقبل التخصيص. وأنه قد يكون الزمان الذي يرفع فيه الحكم أكثر بكثير من الزمان الذي بقي فيه ، فلو رجع للتخصيص لزم تخصيص الأكثر