المذكورة وورودها عليه ، ومثله يجري في الشبهة التحريمية الحكمية.
الدليل الثاني : السنة. ويظهر حال الاستدلال بما تضمن النهي عن القول والعمل بغير علم مما تقدم في الاستدلال بالكتاب. فالعمدة في المقام طائفتان :
الأولى : ما تضمن النهي عن الأخذ بالشبهة والأمر بالتوقف والكف عنها. وهي نصوص كثيرة بألسنة مختلفة لا مجال لاستقصائها تعرض شيخنا الأعظم قدسسره لجملة منها ، وذكر كثيرا منها في الباب الثاني عشر من أبواب صفات القاضي من الوسائل. قال شيخنا الأعظم قدسسره : «وظاهر التوقف المطلق السكون وعدم المضي ، فيكون كناية عن عدم الحركة بارتكاب الفعل ، وهو محصل قوله عليهالسلام في بعض تلك الأخبار : الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات. فلا يرد على الاستدلال أن التوقف في الحكم الواقعي مسلم عند كلا الفريقين ، والإفتاء بالحكم الظاهري منعا أو ترخيصا مشترك كذلك. والتوقف في العمل لا معنى له».
لكن يشكل الاستدلال المذكور بأن التأمل في النصوص الكثيرة قاض بأن المراد بالشبهة ليس مجرد احتمال التكليف الواقعي من دون حجة عليه الذي هو محل الكلام ، بل أحد أمرين :
الأول : ما يعمل به أهل البدع ونحوهم ممن لا يتحرج ، مما هو ليس بحجة ، كالقياس والاستحسان. ويظهر إرادة ذلك مما عن رسالة المحكم والمتشابه عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال في حديث طويل : «فاعلم أنا لما رأينا من قال بالرأي والقياس قد استعملوا الشبهات في الأحكام لما عجزوا عن عرفان إصابة الحكم ...» (١).
ومرسل البرقي : «قال أبو جعفر عليهالسلام : لا تتخذوا من دون الله وليجة فلا
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ٦ من أبواب صفات القاضي حديث : ٣٨.