موضوعه في صغرياته المختلفة ، والتكليف الفعلي المذكور لا يكفي في بيانه وتنجزه بيان الكبرى ، بل لا بد معه من العلم بفعلية الموضوع وتحقق الصغرى ، وبدونها يدخل المورد في أدلة البراءة.
التنبيه الثالث : لا ريب في الخروج عن أصالة البراءة بالأصول المنقحة لموضوع التكليف ، كاستصحاب النجاسة في الماء الحاكم على أصالة البراءة من حرمة شربه ، كما هو الحال في جميع الأصول الموضوعية مع الأصول الحكمية ، على ما يأتي في محله من مبحث التعارض إن شاء الله تعالى. أما مع عدم جريان الأصل الموضوعي فمقتضى ما سبق الرجوع للبراءة. وربما يخرج عن ذلك في موردين :
الأول : ما لو أحرز مقتضي التحريم وشك في وجود المانع من دون أن يحرز عدمه ، حيث يظهر من بعض كلماتهم في الموارد المتفرقة البناء على الحرمة وعدم الرجوع للبراءة بدعوى بناء العقلاء على العمل على طبق المقتضي ما لم يحرز المانع. وهو المراد بقاعدة المقتضي في كلام بعضهم. لكن لم يتضح بناء العقلاء على الكلية المذكورة ، بل لو ثبت ذلك في بعض الموارد فهو لخصوصية فيها.
الثاني : ما ذكره بعض الأعاظم قدسسره من أن تعليق الحكم الترخيصي التكليفي أو الوضعي ـ كالطهارة ـ على عنوان وجودي ملازم عرفا للبناء على عدمه عند عدم إحراز ذلك العنوان ، وأنه لا بد في البناء على الترخيص حينئذ من إحراز ذلك العنوان ولو بالأصل ، وبدونه يتعين البناء على عدم الترخيص ولو لم يحرز عدم العنوان المذكور.
أقول : لا ريب في أن إحراز الحكم الواقعي والتعبد به ترخيصيا كان أو إلزاميا متفرع على إحراز موضوعه ، ولا مجال له بدونه ، لكون التمسك بعموم دليله مع عدم إحراز موضوعه تمسكا بالعام في الشبهة المصداقية من طرف