الفصل الرابع
في الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين
أشرنا في أول الكلام في الأصول العملية إلى أن النزاع هنا ليس في حكم هذه المسألة كبرويا ـ كما هو الحال في الفصول السابقة ـ بل هو صغروي راجع إلى النزاع في أن موضوع الكلام هنا من صغريات مسألة الشك في أصل التكليف ، التي عقدنا لها الفصل الأول ، والتي كان التحقيق فيها البراءة ، أو من صغريات مسألة الشك في تعيين التكليف التي عقدنا لها الفصل الثاني ، والتي كان التحقيق فيها وجوب الاحتياط. ومن ثم كان الكلام في المقام مبنيا على الفراغ عن حكم المسألتين المذكورتين.
هذا وينبغي التمهيد للكلام في المقام بذكر أمور ..
الأول : محل الكلام في المقام ما إذا كان التردد بين الأقل والأكثر مع وحدة التكليف تبعا لوحدة الملاك والغرض المستلزم للارتباطية بين ما يعتبر في المكلف به ، فإن ذلك هو منشأ البناء من بعضهم على التردد في المقام بين تكليفين التكليف بالأقل والتكليف بالأكثر من دون متيقن في البين. وأما إذا كان التردد مع تعدد التكليف ، بحيث يكون التكليف بالزائد مستقلا عن التكليف بالأقل جعلا ، تبعا لتعدد الملاك والغرض ، فلا ريب في خروجه عن محل الكلام ، ودخوله في الشك في أصل التكليف ، الذي يكون المرجع فيه البراءة. من دون فرق بين كون الزائد المشكوك مباينا خارجا للمكلف به المتيقن ، كما لو دار الأمر في الدّين بين الدرهم والدرهمين ، وكونه من شئونه ، كما لو احتمل وجوب إيقاع الفريضة جماعة أو في المسجد ، لاحتمال تعلق النذر