ومن هنا كان الظاهر ابتناء المسألة المذكورة على أمر آخر ، وهو أن موضوع مشروعية صلاة الفرادى من دون قراءة إن كان هو مجرد تعذر القراءة لم يجب الائتمام في الفرض ، وإن كان هو تعذر الصلاة الاختيارية التامة تعين وجوب الائتمام ، لأن الصلاة معه من أفراد الصلاة التامة ، بل من أفضلها. والظاهر الأول على تفصيل موكول للفقه.
التنبيه الثالث : قد يعلم بوجوب أمور متعددة ويتردد بين كونه تخييريا ، فيكفي واحد منها ، وكونه تعيينيا فلا بد من الجمع بينها ، كما في موارد تردد الكفارة بين كونها مخيرة وكونها كفارة جمع.
والظاهر هنا جريان البراءة من وجوب الجمع ، لانحلال العلم الإجمالي بالعلم بتكليف واحد مردد بين التعيين والتخيير ، وهذا التكليف صالح للامتثال بفعل أحد الأطراف ، فهو مجز عما هو المعلوم قطعا ، ويشك في وجوب ما زاد عليه ، فيدفع بالأصل. وأدنى تأمل في المرتكزات العقلائية قاض بوضوح ذلك.
التنبيه الرابع : ما تقدم إنما هو في احتمال التخيير في الحكم الواقعي الواحد في مقام الجعل والتشريع ، لقصور الملاك عن اقتضاء كل طرف معينا ، كالتخيير في خصال الكفارة ، لأنه المناسب لمبحث الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين. وهناك قسمان آخران للتخيير.
الأول : التخيير في الحكم الواقعي ، لكن في مقام الامتثال للتزاحم بين التكليفين ، والدوران بين التعيين والتخيير حينئذ إنما يكون للدوران بين أهمية أحد التكليفين الملزم بتعيين امتثال الأهم وتساويهما المستلزم للتخيير بينهما.
الثاني : التخيير في الحكم الظاهري الراجع للتخيير بين الحجج في مقام التعارض لو تم. والدوران بين التعيين والتخيير فيه إنما يكون للدوران بين رجحان أحد الدليلين المقتضي لحجيته تعيينا وتساويهما المقتضي للتخيير