منهم المفروغية عنه. بل صرح به بعضهم. وأطال شيخنا الأعظم قدسسره ومن بعده في توضيحه.
نعم قد يظهر من بعضهم الخروج عنه في بعض الموارد ، حيث يجمع في مقام الاستدلال بين المرتبتين ، أو يعارض بينهما. لكن الظاهر أن منشأه الغفلة عن الحال ، أو محض الاستظهار بتكثير الأدلة ، وإلا فمن البعيد جدا خلافهم في ذلك.
هذا ولا ينبغي التأمل في تأخر الأصول العقلية عن جميع الأدلة والأمارات والقواعد والأصول الشرعية ، لورودها عليها ، حيث لا يحكم العقل بالوظيفة الظاهرية إلا عند التحير ، وعدم تصدي الشارع لبيانها ، وإلا استغنى ببيانه ، وارتفع موضوع حكمه.
وعلى هذا لا يبقى في المقام إلا الكلام في وجه تقديم الطرق والأمارات على الأصول ، وفي وجه تقديم القواعد والأصول الإحرازية على الأصول غير الإحرازية ، وفي وجه تقديم الأصل السببي على المسببي ، فيقع البحث في مقامات ثلاثة.
المقام الأول : في تقدم الطرق والأمارات على الأصول الشرعية
من الظاهر أن إطلاق أدلة الأصول شامل لصورة قيام الطرق والأمارات بعد فرض عدم إفادتها العلم بالحكم الواقعي ، فهي بنفسها ـ مع قطع النظر عن دليل حجيتها ـ لا ترفع موضوع الأصول.
وحينئذ ربما يدعى ورود أدلة حجية الطرق والأمارات على أدلة الأصول ورفعها لموضوعها ، إما لأن المراد من الشك والجهل في موضوع أدلة الأصول هو عدم الحجة على الواقع ، أو لأن المراد به ما يقابل العلم ولو بالوظيفة الظاهرية. فيرتفع الموضوع المذكور حقيقة بقيام الطرق والأمارات بعد فرض