عبارة أخرى عما تقدم منا من جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان في التكاليف الضمنية ، الذي سبق مطابقته للمرتكزات العقلائية.
وإن شئت قلت : بعد ما سبق منا من عدم تنجز التكليف إلا بالمقدار الواصل من حدوده فالأقل منجز على كل حال ، والعلم إما بوجوبه وحده أو في ضمن الأكثر لا يصلح للتنجيز ، لعدم كونه علما بكلفة زائدة على كلفة التكليف المعلوم ، لوضوح كون أحد طرفيه السعة ، ولا يقتضي الإلزام على كل حال ، كما نبه لذلك شيخنا الأستاذ قدسسره.
الثاني : أن المنجز وإن كان هو خصوص الأقل ، إلا أن مقتضى لزوم الفراغ عنه هو الإتيان بالأكثر ، لعدم إحراز الفراغ عنه إلا بذلك بعد فرض الارتباطية على تقدير وجوب الأكثر ، لأن سقوط التكليف منوط بتمامية المركب.
نعم لو أحرز كون الأقل تمام الواجب اتجه الاكتفاء به في إحراز الفراغ عنه ، لكن لا مجال لإحراز ذلك بعد كون مفاد قاعدة البراءة مجرد التعذير.
ويندفع بأن اليقين بالفراغ لا يجب في مثل ذلك مما كان فيه الشك في الفراغ ناشئا من الشك في حال المكلف به واحتمال دخل ما لم يصل التكليف به فيه ، وإنما يجب فيما إذا كان الشك في الفراغ مسببا عن الشك في الإتيان بما وصل التكليف به.
وبالجملة : إنما يجب إحراز الفراغ مع وصول التكليف بخصوصياته ، والشك في مطابقة المأتي به لها ، لا مع العلم بالمأتي به والشك في مطابقته للمكلف به ، بسبب إجمال المكلف به.
الثالث : أنه بناء على ما هو المشهور عند العدلية من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد في متعلقاتها يكون المكلف به ملازما لغرض للمولى