الجهالة بما هو أعظم من ذلك» إشارة إلى القضية الارتكازية المقتضية لعموم العذر حتى بالإضافة إلى عدم العقاب ، وعدم اختصاصه بعدم الحرمة المؤبدة ، فيكون واردا لبيان الأصل الثانوي ، ودليلا على عدم الاحتياط بقرينة المورد ، لكون الجهالة المفروضة فيه هي الجهالة بالحكم الواقعي ، وهو حرمة التزويج في العدة ، لا بالحكم الظاهري ، ليكون واردا لبيان الأصل الأولي الذي يرفعه دليل الاحتياط. كما أنه نص في العموم للشبهة الموضوعية والحكمية.
لكنه يشكل بانصراف الجهالة في الصحيح إلى الغفلة واعتقاد الحل خطأ ، نظير ما تقدم في صحيح عبد الصمد من أدلة الأصل الأولي. ولا سيما مع التعليل فيه بأنه لا يقدر على الاحتياط ، ضرورة القدرة على الاحتياط مع الالتفات والشك.
الخامس : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : «قال : كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه» (١) ، وعن الذكرى الاستدلال به في المقام. ونحوه خبر عبد الله بن سليمان ومرسل معاوية بن عمار الواردان في الجبن (٢).
وقد استشكل فيه شيخنا الأعظم قدسسره بأن الحديث حيث تضمن فرض انقسام الشيء فعلا للحلال والحرام فالظاهر منه كون الانقسام المذكور هو منشأ اشتباه حال المشكوك ، وذلك إنما يتم في الشبهة الموضوعية ، كالشبهة في الجبن الذي يعلم أن قسما منه حرام فيه ميتة ، وقسما حلال لا ميتة فيه ، فيشتبه حكم بعض أفراده لتردده بين القسمين. وأما الشبهة الحكمية فهي ناشئة دائما عن فقد الدليل ، لا عن الانقسام المذكور وإن كان موجودا ، فالحيوان وإن كان
__________________
(١) الوسائل ج : ١٢ باب : ٤ من أبواب ما يكتسب به حديث : ١.
(٢) الوسائل ج : ١٧ باب : ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة حديث : ١ ، ٧.