بذلك.
وعلى الأول ينفع الحديث فيما نحن فيه. أما على الثاني فيكون أجنبيا عنه ، واردا لبيان أن الأشياء بطبعها على السعة ما لم يشرع النهي فيها ، فيرجع إلى أصالة الإباحة بالمعنى الأول المتقدم عند الكلام في أن الأصل هو الحظر أو الإباحة في الأمر الثالث من التمهيد لمباحث الأصول.
ولا يخفى أن المعنى الأول هو المتعين في مرسل العوالي ، لأن النص ليس أمرا مجعولا ، فلا بد أن يراد بوروده وصوله. أما مرسل الفقيه ونحوه فهو لا يخلو عن إجمال من هذه الجهة ، ولا معين فيه لأحد المعنيين بعد حذف متعلق الورود فيه.
وفيه : أنه لا فائدة ببيان المعنى الثاني بعد ورود الشريعة وعدم خلوّ الوقائع عن الأحكام الشرعية ـ كما نبه لذلك غير واحد من مشايخنا ـ فلا مجال لحمل الحديث عليه ، بخلاف ما لو أريد بيان الوظيفة الظاهرية ، حيث يترتب العمل على ذلك ، فيحسن بيانه ويتعين حمل الحديث عليه.
الرابع : صحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليهالسلام : «سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها بجهالة ، أهي ممن لا تحل له أبدا؟ فقال : لا ، أما إذا كان بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدتها ، وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك. فقلت : بأي الجهالتين يعذر ، بجهالته أن ذلك محرم عليه أم بجهالته أنها في عدة؟ فقال : إحدى الجهالتين أهون من الأخر ، الجهالة بأن الله حرم ذلك عليه ، وذلك بأنه لا يقدر على الاحتياط معها. فقالت : وهو في الأخرى معذور؟ قال : نعم إذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوجها» (١).
حيث يتجه الاستدلال به بناء على أن قوله عليهالسلام : «فقد يعذر الناس في
__________________
(١) الوسائل ج : ١٤ باب : ١٧ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٤.