وكذا الحال لو أحرز نوع العمل ، وترددت بعض أركانه المقومة له بين ما يصح به العمل وما يبطل ، كالثمن والمثمن والزوج والزوجة ، فإن قاعدة الصحة لا تنهض بإحراز ما يصح به العمل. فإذا اختلف الزوج والأب في أنه زوجه بنته التي رضعت معه ، أو أختها التي لم ترضع معه لم تنهض أصالة الصحة بإثبات الثاني.
كل ذلك لأن أصالة الصحة إنما تحرز الصحة بعد الفراغ عن تحقق العمل الذي هو مورد الأثر والقصد إليه بحدوده ، دون ما إذا شك في أصل القصد للعمل المذكور أو لحدوده.
الأمر الثاني : وقع الكلام بينهم في أن مفاد القاعدة هو الحمل على الصحة الواقعية ، أو الصحة بنظر الفاعل. لكن لما كان موضوع الأثر ومحط الغرض هو الصحة الواقعية ، فلا معنى لاحتمال كون مفاد القاعدة هو الصحة بنظر الفاعل.
بل لا بد من رجوع النزاع المذكور إلى النزاع في عموم القاعدة لما إذا أخطأ الفاعل فيما يعتبر في الصحة الواقعية وتشخيص ما هو الصحيح ، بعد المفروغية عن أن مفاد القاعدة هو الصحة الواقعية لا غير ، فيقع الكلام حينئذ في أن القاعدة هل تجري لو احتمل صحة عمله لاحتمال واجديته لشروط الصحة صدفة أو احتياطا منه؟ كما لو كان المطلّق يرى أنه يكفي في عدالة الشاهدين ترك الكبائر ، وأراد أن يتزوج مطلقته من يرى أنه لا بد فيها من ترك الصغائر أيضا ، إذا احتمل صحة طلاقه بإشهاده مجتنب الكبيرة والصغيرة صدفة أو احتياطا.
وقد صرح غير واحد بعدم جريان القاعدة حينئذ ، كما قد يظهر ذلك من كل من استدل على القاعدة بالغلبة وظهور حال المسلم أو الفاعل ، لظهور اختصاصهما ـ لو تما ـ بصورة علم الفاعل بالصحيح ، وعدم خطئه فيه.