بقي شيء
وهو أنه قد يستثنى مما ذكرنا من جريان البراءة في المقام ما لو كان التردد ناشئا من إجمال عنوان المكلف به ، بنحو لا يعلم بصدقه على الأقل ، لدعوى : أن العلم بالتكليف بالعنوان منجز له ، فيجب إحرازه في مقام الامتثال ، بخلاف ما إذا شك في مقدار المكلف به من دون أن يتنجز بعنوان يخصه أو علم بانطباق العنوان على الأقل واحتمل اعتبار الخصوصية الزائدة عليه من دون إطلاق يدفعه.
لكن تقدم في التمهيد للفصل الثاني في أواخر الكلام في قاعدة الاشتغال أن ذلك إنما يتم فيما إذا كان العنوان حاكيا عن المركب بلحاظ خصوصية زائدة عليه مسببة عنه ـ كعنوان الدواء الصادق على المركب بلحاظ ترتب الشفاء عليه فعلا أو اقتضاء ، وعنوان التطهير الصادق على الغسل بلحاظ ترتب الطهارة عليه ـ أو قائمة به ـ كعنوان الأكبر والمطلوب ـ لرجوع التكليف بالعنوان حينئذ إلى التكليف بمنشإ انتزاعه المفروض عدم الإجمال فيه ، فيتنجز ويجب إحرازه ، نظير موارد الشك في المحصل.
أما إذا كان العنوان حاكيا عن المركب بنفسه ـ كعنوان الصوم الصادق على ترك المفطرات ، لو ترددت بين الأقل والأكثر ، وعنوان «السكنجبين» الصادق على الخل والسكر مع الامتزاج مطلقا أو بشرط الغليان ـ فلا مجال لوجوب الاحتياط فيه ، لأن التكليف بالعنوان راجع للتكليف بمنشإ انتزاعه ، فمع فرض انتزاعه من الأجزاء والشرائط بأنفسها ، وفرض التردد فيها بين الأقل والأكثر ، لا يكون العنوان بيانا إلا على المتيقن منها ـ وهو الأقل ـ ولا يكون منجزا لغيره ، بل المرجع فيه البراءة. فراجع.