آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ)(١).
أو لتقليد علماء السوء والسلاطين الذين يحلون الحرام ، ويحرمون الحلال ، والتدين بقولهم مع ذلك ، كما ورد في تفسير قوله تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ)(٢) أنهم أحلوا لهم حراما ، وحرموا عليهم حلالا ، فعبدوهم من حيث لا يشعرون (٣).
أو لتقليد علماء السوء الذين لا يأخذون من أهل البيت عليهمالسلام ، بل يتعدونهم إلى غيرهم ممن ليس بحجة ، أو يعتمدون الرأي والاستحسان.
ولا عموم له لمحل الكلام من الرجوع للعلماء المؤمنين الموثوقين الذين يعتمدون الحجج ، ويأخذون عن الأئمة عليهمالسلام ، وينهجون نهجهم.
كما أن ما ورد من النهي عن العمل بغير العلم أو بالظن قاصر عن التقليد المذكور ونحوه من موارد الرجوع للحجج العقلائية ، كما تقدم عند الكلام في أصالة عدم الحجية في أوائل مباحث الحجج. فراجع.
على أنه يمكن استفادة إمضاء مقتضى السيرة المذكورة من أمور ..
الأول : سيرة المتشرعة خلفا عن سلف على الاجتزاء بأخذ الأحكام العملية من العلماء ، لما هو المعلوم من عدم تيسر الاجتهاد لغالب الناس ، فلو لم يشرع لهم ذلك ، ولم يعملوا عليه ، لزم الهرج والمرج ، واختل نظام معاشهم ومعادهم ، ولكثر السؤال عن البديل بنحو لم يخف ، وحيث لم يظهر شيء من ذلك كشفت السيرة المذكورة عن إقرار ذلك شرعا.
الثاني : قوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي
__________________
(١) سورة المائدة الآية : ١٠٤.
(٢) سورة التوبة الآية : ٣١.
(٣) راجع الوسائل ج : ١٨ باب : ١٠ من أبواب صفات القاضي.