العنوان الثانوي الموجب لتبدل الحكم الأولي.
وبأحد الوجهين الأولين قد يفسر التصويب المنسوب للأشاعرة. وإن كان الأظهر من بعض الكلمات المنقولة عنهم الأول. وبالوجه الثالث قد يفسر التصويب المنسوب للمعتزلة. ولعله أهون الوجوه ، وأبعدها عن الخطأ ، لأن تبدل الأحكام الأولية بالعناوين الثانوية غير عزيز.
إلا أنه لا مجال للبناء عليه بعد منافاته لإطلاقات الأحكام الواقعية القاضية بفعليتها تبعا لفعلية موضوعاتها ، وعدم ارتفاعها بخطإ المجتهد في الوصول إليها.
مضافا إلى النصوص الكثيرة الظاهرة في فعلية الحكم الواقعي في صورة عدم إصابته.
منها : ما تضمن أن الحكم حكمان : حكم الله عزوجل ، وحكم الجاهلية ، وأن من أخطأ حكم الله فقد حكم بحكم الجاهلية (١).
ومنها : ما تضمن تفسير حديث أن اختلاف الأمة رحمة بالاختلاف في طلب العلم ، وأن الدين واحد (٢). فإنه كالصريح في عدم تعدد حكم الدين في الواقعة ، تبعا لاختلاف المجتهدين.
ومنها : ما في نهج البلاغة ، والاحتجاج ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال في ذم علماء السوء : «ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام ، فيحكم فيها برأيه ، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه ، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعا. وإلههم واحد ، ونبيهم واحد ، وكتابهم واحد. أفأمرهم الله سبحانه بالاختلاف فأطاعوه ،
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ٤ من أبواب صفات القاضي حديث : ٧ ، ٨ ، وباب : ٥ منها حديث : ٦.
(٢) الوسائل ج : ١٨ باب : ١١ من أبواب صفات القاضي حديث : ١٠.