وإن كان المراد إلزام المكلف بالعمل على طبق الظن ـ وإن لم يكن حجة شرعا ـ تحصيلا للتكاليف الواقعية ، فهو موقوف على تعلق غرضه بتحصيل الواقع ، ولا ملزم به مع جريان الأصول المؤمنة منه عند عدم الحجة.
نعم لو تنجز الواقع على المكلف ـ كما لو قصّر في الفحص في موارد الدوران بين محذورين ، أو اضطر بسوء اختياره إلى ارتكاب أحد أطراف الشبهة التحريمية المحصورة ـ لزمه عقلا متابعة الظن بالتكليف ، لقبح ترجيح المرجوح على الراجح.
ومنه يظهر أن الوجه المذكور لا ينهض بجواز متابعة الظن بعدم التكليف ، إذ لا غرض في متابعة عدم التكليف لا للشارع ولا للمكلف ، بل يتجه الرجوع فيه للأصول أو الأدلة ، وقد يلزم من ذلك الحرج أو اختلال النظام ، كما تقدم في الوجه الأول.
مضافا إلى أن قبح ترجيح المرجوح على الراجح إنما يقتضي العمل بالظن في فرض تعلق الغرض بتحصيل الواقع إذا تعذر الاحتياط ـ كما تقدم في المثالين السابقين ـ وهو مبني على ما يأتي في دليل الانسداد. ومن ثم جعل هذا الوجه من مقدمات الدليل المذكور.
هذا مع أن المراد من هذا الوجه وما قبله إن كان هو حجية الظن مطلقا ولو مع انفتاح باب العلم والعلمي في معظم المسائل كانا منافيين لأدلة عدم حجية الظن ، وحيث كان ثبوت مضمونها من الشارع قطعيا ضروريا لزم رفع اليد عنهما ، لأنهما كالشبهة في مقابل البديهية. وإن كان هو حجيته مع انسداد باب العلم أو العلمي ، ليمكن جمعها مع الأدلة المذكورة ، بحملها على صورة الانفتاح ، كانا مبنيين على ما يأتي في دليل الانسداد.
الثالث : دليل الانسداد. وهو يبتني على مقدمات ، عمدتها ثلاث.