ذلك مما أشار إليه شيخنا الأعظم قدسسره. نعم المعنى الارتكازي الذي تقدم حمل النصوص عليه لا إجمال فيه ، وهو شامل للأمرين. والله سبحانه وتعالى العالم. ومنه نستمد العون والتسديد.
المبحث الثاني
في دوران التكليف بين التعييني والتخييري
والمراد التخيير الشرعي الراجع إلى أخذ خصوصية كل من أطراف التخيير في المكلف به شرعا ـ كما في الكفارة المخيرة ـ لا التخيير العقلي الراجع إلى التكليف شرعا بالماهية ، والمقتضي لتخيير العقل بين أفرادها ، فإن الكلام فيه قد سبق في المسألة الثانية من المبحث الأول.
ومحل الكلام في المقام ما إذا علم بالتكليف بشيء وشك في أن التكليف به تعييني ، فلا يسقط امتثاله إلا به ، أو تخييري بين أمور هو أحدها ، فيكفي واحد منها في امتثاله ، نظير دوران الأمر في الكفارة بين المخيرة والمرتبة ، لأن ذلك هو المناسب لمبحث الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، لاشتراكه معه في وجود القدر المتيقن في مقام الامتثال ، دون بقية صور الدوران بين التعيين والتخيير الآتية في التنبيه الرابع ، فإنها خارجة عن محل الكلام.
كما أن الكلام في المقام يبتني على ما هو المختار في حقيقة الواجب التخييري من أنه عبارة عن التكليف بأحد الأطراف على أن يكون متعلق التكليف كل منهما بخصوصيته بنحو يقتضي التخيير بينهما في مقام العمل والاكتفاء بكل منهما بنحو البدلية ، على ما تقدم توضيحه في مباحث الأمر والنهي.