بالموضوع مستلزم عرفا للتعبد بأثره الشرعي. أما المسببي فهو الأصل المتضمن لبيان الوظيفة بالإضافة إلى الأثر نفسه من حيثية كونه بنفسه موردا للشك.
ولا يعتبر في السببي أن يكون إحرازيا ، بل يقدم وإن لم يكن إحرازيا على المسببي وإن كان إحرازيا ، كأصالة الطهارة في الماء التي يرفع بها اليد عن استصحاب نجاسة الثوب المغسول به ، كما يرفع بها اليد عن أصالة البراءة من وجوب تطهير المسجد به لو انحصر الماء به.
نعم مفروض كلام شيخنا الأعظم والمحقق الخراساني قدسسرهما في السببي والمسببي معا الاستصحاب ، ونظرهما في استدلالهما لدليله. لكن الظاهر أن منشأه تحريرهما للمسألة في الاستصحاب ، لا لخصوصيته في التقديم. ومن ثم صرح غير واحد ممن تأخر عنهما بالتعميم.
إذا عرفت هذا فقد يوجه تقديم السببي بأنه وارد على المسببي رافع لموضوعه ، نظير ما تقدم في توجيه ورود الطرق على الأصول ، لدعوى : أن موضوع المسببي ليس محض الشك الوجداني في الواقع الباقي مع جريان السببي ، بل عدم العلم بما يعم الوظيفة الظاهرية ، ومع جريان السببي تعلم الوظيفة الظاهرية ، ويرتفع موضوع المسببي ، لما تقدم من أن التعبد بالموضوع يقتضي التعبد بحكمه عرفا.
أما المسببي فلا ينهض برفع موضوع السببي إلا بناء على الأصل المثبت ، لأن التعبد بالحكم وجودا أو عدما لا يقتضي التعبد بموضوعه كذلك ، وإن كان ملازما له خارجا.
ويظهر اندفاعه مما تقدم هناك من أن حمل الشك في أدلة الأصول على عدم العلم بما يعم الوظيفة الظاهرية مخالف للظاهر ، وخال عن الشاهد.