منصرف أدلة البراءة. ومن هنا لا مخرج في المقام عن أصل البراءة من التكليف بالناقص الذي أشرنا إليه آنفا.
المقام الثاني : في مقتضى القاعدة الثانوية بعد الفراغ عما تقدم في المقام الأول.
ولا إشكال في الاكتفاء بالميسور في كثير من فروع الفقه في الطهارة والصلاة والحج وغيرها ، وإنما الإشكال في ثبوت عموم يقتضي الاكتفاء به يكون هو المرجع عند الشك ، وهو ما يسمى بقاعدة الميسور ، التي وقع الكلام فيها بين الأصحاب.
وعمدة ما يستدل به لها النصوص المتضمنة لوجوب الميسور ، وهي النبوي : «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم».
وما عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «الميسور لا يسقط بالمعسور» وما عنه عليهالسلام أيضا : «ما لا يدرك كله لا يترك كله».
بدعوى : ظهورها في لزوم تبعيض العمل الارتباطي بحسب الميسور من أجزائه وشرائطه ، فتكون حاكمة على إطلاق دليل اعتبار الأمر المتعذر الشامل لحال تعذره لو فرض ثبوته. ومقتضى ذلك وجوب الميسور في صورة ثبوت الإطلاق لدليل اعتبار الأمر المتعذر ، فضلا عما إذا لم يكن لدليله إطلاق.
وينبغي الكلام في هذه النصوص .. تارة : في السند وأخرى : في الدلالة.
أما السند فهو ظاهر الضعف في جميعها ، لعدم ذكر الأصحاب لها في كتب الحديث المعروفة ، وإنما ورد الأول مسندا في كتب العامة على اختلاف مضامينه الآتية. وذكرت بأجمعها مرسلة في محكي عوالي اللآلي لابن أبي جمهور الاحسائي ، الذي لم يعرف بالضبط وانتقاء الحديث في الكتاب المذكور ، حتى طعن فيه صاحب الحدائق ، مع ما هو المعلوم من حاله من عدم