شدة اهتمامه بصحة أسانيد الأخبار.
قال في رد مرفوعة زرارة الواردة في تعارض الخبرين والمذكورة في الكتاب المذكور : «مع ما هي عليه من الرفع والإرسال ، وما عليه الكتاب المذكور من نسبة صاحبه إلى التساهل في نقل الأخبار والإهمال ، وخلط غثها بسمينها وصحيحها بسقيمها ، كما لا يخفى على من وقف على الكتاب المذكور».
ودعوى : انجبارها باشتهار التمسك بها بين الأصحاب في أبواب العبادات ، كما ذكره شيخنا الأعظم قدسسره. ممنوعة جدا ، غاية الأمر موافقتهم لها في الجملة ، وهي لا تصلح للجبر ، ما لم يثبت اعتمادهم عليها وتسالمهم على الرجوع لها ، ولا مجال لدعواه بعد عدم تعرض القدماء لها في مقام الاستدلال فيما أعلم ، وإلا لما اقتصر على نسبتها للكتاب المذكور مع ما هو عليه من الوهن.
بل لم يجروا عليها في كثير من فروع العبادات ، فضلا عن غيرها ، كما يشهد به تتبع كلماتهم في الصوم وكثير من فروع الطهارة والصلاة والحج ، فإنهم وإن تنزلوا في كثير من الموارد عن بعض المراتب ـ كالقيام في الصلاة ، والمباشرة في كثير من فروع الطهارة والحج ـ بل وعن بعض الأجزاء والشروط رأسا ـ كالسورة والطمأنينة والقبلة والطهارة الخبثية ـ إلا أنهم لم يتنزلوا عن كثير من الأجزاء والشروط ، فلا مجال عندهم للتبعيض في ركعات الصلاة وجملة من مناسك الحج ، واشتهر عندهم عدم صحة الصلاة من فاقد الطهورين.
فمن القريب جدا أن يكون اجتزاؤهم بالناقص في كثير من الفروع لعدم إطلاق دليل الأمر المتعذر ، أو لأدلة خاصة ، كالإجماع ، والسيرة ، وارتكاز المتشرعة ، والأخبار الكثيرة الواردة في كثير من تلك الفروع ، والتي قد يتعدى الفقيه منها لفهم عدم الخصوصية لمواردها ، أو لنحو ذلك مما لا مجال معه