الفصل الأول
في حجية الاطمئنان
ولم يعرف القول بحجيته على الإطلاق قبل بعض مشايخنا «دامت بركاته» ، فقد صرح بحجيته في مقابل العلم الذي هو حجة ذاتية ، بدعوى : أنه علم عادي ، وهو حجة عقلائية ، ولم يردع عنها الشارع الأقدس.
لكن المراد بأنه علم عادي إن رجع إلى أنه من أفراد العلم الحقيقية الذي هو عبارة عن انكشاف الأمر بحيث لا يحتمل معه الخلاف ، فلا وجه لجعله مقابل العلم الذي هو حجة ذاتية ، ولا للاستدلال عليه بأنه حجة عقلائية لم يردع عنها.
وإن رجع إلى أنه من أفراد العلم التسامحية العرفية ، لضعف الاحتمال وعدم تعويل العقلاء عليه ، فمن المعلوم عدم التعويل على التسامح العرفي في تطبيقات العرف وتشخيص الموضوعات. على أنه لو فرض التعويل على ذلك فهو إنما ينفع في أحكام العلم الموضوعي المأخوذة من إطلاقات الأدلة اللفظية ، دون المأخوذة من أدلة لبية أو لفظية لا إطلاق لها ، للزوم الاقتصار فيها على المتيقن. ولو كان داخلا في المتيقن كفى في ثبوت الحكم له بلا حاجة إلى تكلف دعوى أنه علم عادي. كما لا ينهض ذلك بإلحاقه بالعلم الطريقي في الحجية بعد عدم مشاركته له في الحجية الذاتية غير القابلة للردع. ومن هنا لا أثر للدعوى المذكورة في الاستدلال على حجية الاطمئنان.
وأما دعوى : أنه حجة عقلائية ، فهي لا تخلو من خفاء ، إذ لم يتضح من العقلاء حجية الاطمئنان بنفسه مطلقا بما هو وإن كان ابتدائيا أو مستتبعا إلى ما