تمام المقتضي للحجية.
وأما الوجه الثاني فالظاهر أنه بنفسه مقتض للحجية والعمل ، بحيث يكون مقتضى الأصل بنظر العقل متابعتها والعمل عليها في مقام التنجيز والتعذير بين المولى والعبد ، ما لم يثبت ردع المولى عنها. فمورد السيرة المذكورة يشترك مع العلم في ثبوت مقتضى الحجية فيه بذاته ، وإن فارقه بأن للمولى الردع عنه ، بخلاف العلم فإنه علة تامة للحجية لا تقبل الردع.
وعلى هذا لا يحتاج العمل بذلك إلى إثبات الإمضاء ، كما تجشمه غير واحد في بعض الموارد ، بل ولا إثبات عدم الردع ولو بالأصل ، بل يكفي عدم ثبوت الردع ، لحكم العقل في المقام بلزوم متابعة المقتضي في مثل ذلك ما لم يثبت الردع ، حتى لو احتمل كون عدم الردع لعدم تيسره للمولى ، كما يظهر بأدنى ملاحظة للمرتكزات العقلائية القطعية.
ومن ثم لا يظن من أحد التشكيك في الإلزام والالتزام بظاهر كلام المولى مثلا لو احتمل كون عدم ردعه عن العمل بالظهور لعدم تيسر الردع له. وكأن هذا هو مراد المحقق الخراساني قدسسره من قوله في الكفاية : «ضرورة أن ما جرت عليه السيرة المستمرة في مقام الإطاعة والمعصية وفي استحقاق العقوبة بالمخالفة وعدم استحقاقها مع الموافقة ـ ولو في صورة المخالفة عن الواقع ـ يكون عقلا في الشرع متبعا ما لم ينهض دليل على المنع عن اتباعه في الشرعيات». وما يظهر من سيدنا الأعظم قدسسره من عدم ثبوت هذا الوجه في غير محله بعد ما سبق وربما يأتي في المباحث الآتية ما ينفع في المقام.
هذا تمام الكلام في تأسيس الأصل الذي يرجع إليه عند الشك في الحجية. فلنشرع فيما هو المقصود بالكلام ، وهو تشخيص موارد الحجج وذلك في ضمن فصول ..