نعم روى في الكافي عن محمد بن سالم عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث طويل يتضمن أن الأنبياء عليهمالسلام بعثوا في أول أمرهم بالدعوة للتوحيد وأنه لم تشرع لأممهم الأحكام إلا بعد فترة من بعثتهم ، قال عليهالسلام بعد بيان حالهم : «ثم بعث الله محمدا صلىاللهعليهوآله وهو بمكة عشر سنين ، فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا صلىاللهعليهوآله رسول الله إلا أدخله الله الجنة بإقراره ، وهو إيمان التصديق ، ولم يعذب الله أحدا ممن مات وهو متبع لمحمد صلىاللهعليهوآله على ذلك ، إلا من أشرك بالرحمن ... فلما أذن لمحمد صلىاللهعليهوآله في الخروج من مكة إلى المدينة بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا صلىاللهعليهوآله عبده ورسوله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصيام شهر رمضان. وأنزل عليه الحدود وقسمة الفرائض ، وأخبره بالمعاصي التي أوجب الله عليها وبها النار لمن عمل بها ، وأنزل في بيان القاتل ...» (١).
وهو صريح في عدم تشريع التكاليف ونحوها إلا بعد الهجرة ، وأن الدين في أوائل البعثة لم يكن إلا الشهادتين ، ولا يلزم المسلم بسواهما ، وإنما يندب لمكارم الأخلاق ، وهو مستلزم لنسخ جميع أحكام الشرائع السابقة الإلزامية ونحوها ، وليس تشريع الأحكام الموافقة لها أو المخالفة لها إلا بعد فترة طويلة.
وهو وإن كان ضعيف السند ، إلا أنه مؤيد أو معتضد بصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث إسلام أبي ذر رضي الله عنه ، حيث تضمن دخوله على النبي صلىاللهعليهوآله وإقراره أمامه بالشهادتين ووعده الطاعة له ، ثم قوله صلىاللهعليهوآله : «أنا رسول الله يا أبا ذر انطلق إلى بلادك ... وكن بها حتى يظهر أمري ...» (٢) ونحوه
__________________
(١) الكافي ج : ٢ ص : ٢٨ باب : ١٧ من كتاب الإيمان والكفر حديث : ١.
(٢) أمالي الصدوق في المجلس الثالث والسبعين ص : ٤٣٢ طبعة النجف الأشرف. والبحار ج : ٢٢ ص : ٤٢١ باب كيفية إسلام أبي ذر وسائر أحواله من تتمة أبواب سيرة النبي صلىاللهعليهوآله حديث : ٣٢.