ولو لا ذلك لاضطرب أمرهم ، واختل نظامهم ، ولزم الهرج والمرج ، ونحو ذلك مما لو كان لبان ، ولكثرت الأسئلة والبيانات من الشارع الأقدس ، وحيث لم يحصل شيء من ذلك كشف عن اتصال هذه السيرة بعصور المعصومين «صلوات الله عليهم» ، وإقرارهم لها ، بنحو يصحح الركون إليها والاستدلال بها.
ثم إنه حيث كان ظاهر الإجماع وسيرة المتشرعة المذكورين في البناء على الصحة ليس محض التعبد الشرعي ، بل الجري على مقتضى سيرة العقلاء الارتكازية المستدل بها آنفا كان مقتضاهما إمضاءها ، فيكون المتبع في عموم الحكم وخصوصه على مقتضاها ما لم يثبت الردع عنها في بعض الموارد.
ولا يقدح خلافهم في بعض الموارد لشبهة ترجع إلى توهم قصور السيرة ، أو ثبوت المانع من العمل بها ، إذا اتضح بطلان الشبهة المذكورة. وذلك لأن مرجع الإمضاء المذكور إلى أن الأمر الارتكازي ـ الذي عليه تبتني سيرة العقلاء ـ من شأنه أن يعمل عليه لو لا المانع ، فموضوعه مقتض للحجية حتى عند المخالف في بعض الموارد ، فمع ظهور بطلان شبهة المخالف يتعين العمل عليه بمقتضى الإمضاء المذكور.
وهكذا الحال في جميع الأمور الارتكازية التي ثبت إمضاء الارتكاز فيها ، فإنه يتعين العمل عليها حتى في موارد الخلاف لشبهة طارئة إذا ثبت بطلان تلك الشبهة ، نظير حجية الظواهر وحجية خبر الثقة في بعض موارد الخلاف ، كحجية الظواهر في حق من لم يقصد بالإفهام ، وحجية ظواهر الكتاب المجيد ، وحجية خبر الثقة غير الإمامي ، وغير ذلك.
إذا عرفت هذا فيقع الكلام في أمور ..