الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(١) فإن التفقه في الدين تعلمه ، ومنه تعلم أحكامه العملية وأخذها عن أدلتها. وظاهر الإنذار هو الإنذار بما تفقهوا فيه ، فيدخل فيه بيان الأحكام الإلزامية المستتبعة للعقاب ، والفتوى بها.
وحيث كان ظاهر جعل الحذر غاية للإنذار مطلوبيته تبعا له ، كان ظاهرا في حجية الفتوى بالأحكام الإلزامية. ويتم في غيرها بعدم الفصل. بل بفهم عدم الخصوصية ، بسبب ظهورها في كون ترتب الحذر على الإنذار طبيعيا ، لا تعبديا محضا. وما ذلك إلا بلحاظ سيرة العقلاء ، التي لا يفرق فيها بين الأحكام الإلزامية وغيرها. وبذلك تكون الآية ظاهرة في إمضاء السيرة المذكورة.
وقد تقدم في الاستدلال بالآية على حجية خبر الواحد الكلام في بعض الجهات الراجعة للاستدلال بها مما ينفع في المقام. كما تقدم الإشكال في الاستدلال على حجية الخبر ب آيات أخر ، وهو يجري في الاستدلال بها في المقام. فراجع.
الثالث : النصوص الكثيرة الواردة في فضل العلم ، وتعلمه ، والانتفاع به ، والرجوع للعلماء في القضاء ، وأخذ الأحكام منه ، ونحو ذلك (٢) حيث يظهر من مجموعها المفروغية عن جواز الرجوع للعلماء في معرفة الأحكام والعمل عليها.
لكن لا عموم للنصوص المذكورة ، لعدم التصدي فيها لبيان الحجية ، وإنما استفيد منها المفروغية عنها ، تبعا لسيرة العقلاء المذكورة ، فتدل على
__________________
(١) سورة التوبة الآية : ١٢٢.
(٢) تراجع النصوص المذكورة في الوسائل ج : ١٨ باب : ٤ ، ٥ ، ٨ ، ٩ ، ١٠ ، ١١ ، ١٢ ، ١٣ من أبواب صفات القاضي. والأبواب المناظرة لها في مستدرك الوسائل. وأبواب كتاب العلم من البحار ج : ٢.