الأمر الأول : لما كان المقصود إثبات الصحة والتمامية له هو العمل الخارجي بلحاظ مطابقته للماهية المقصودة ذات الأثر ، فلا بد في تحقق موضوع القاعدة من إحراز قصد الماهية بالعمل ، ولا يكفي تحقق صورته من دون أن تقصد منه ، فالغسل الذي يتصف بالصحة والفساد والذي تقتضي القاعدة صحته هو الذي يقصد به الغسل المطهّر من الحدث أو الخبث. أما ما لا يقصد به ذلك فهو لا يتصف بالصحة والفساد ، ولا يكون موضوعا للقاعدة في المقام.
من دون فرق بين ما يتوقف ترتب الأثر عليه على قصد العنوان منه ـ كالوضوء والغسل ـ وغيره كالتطهير من الخبث. لأن عدم توقف ترتب الأثر منه على قصده لا ينافي توقف دخوله في موضوع القاعدة على القصد المذكور.
وعلى ذلك لا مجال لجريان قاعدة الصحة مع احتمال عدم القصد بالفعل للماهية ذات الأثر الخاص ، لعدم إحراز موضوعها.
نعم لو أحرز القصد بالنحو المذكور واحتمل الفساد في العبادة ، لعدم قصد التقرب بالوجه المعتبر فيها ـ ولو لاحتمال قصد الرياء المحرم ـ اتجه جريان قاعدة الصحة ، لتمامية موضوعها بقصد العنوان ، وليس قصد التقرب إلا كسائر الشروط الزائدة عليه ، والتي تنهض القاعدة بالبناء على الصحة من جهتها.
كما ظهر بذلك أنه لو تردد نوع الفعل المقصود بين الصحيح والفاسد لم تنهض القاعدة بإحراز القصد للصحيح. كما لو اختلف دافع المال وآخذه في أن دفعه كان بعنوان القرض الربوي ـ بشرط الاشتراك في الربح ـ أو بعنوان المضاربة ، أو ترددت الصلاة المأتي بها بين فريضة قد صلاها المكلف وأخرى لم يصلها. فإن القاعدة لا تنهض بإحراز المضاربة في الأول ، والصلاة التي لم يصلها في الثاني.