المقام الثاني : في منجزية القطع ومعذريته
ولا إشكال عندهم في ثبوتهما للقطع في الجملة. وإن كان الظاهر أن المعيار فيهما أمر آخر قد يجتمع مع القطع ، فمعيار المعذرية قصور الواقع عن الداعوية عقلا إما للغفلة المطلقة عنه لا عن تقصير ، أو للقطع بخلافه كذلك ، أو لوجود المؤمّن منه من دليل معتبر أو أصل ، لامتناع داعويته في الصورتين الأوليين ، لتوقف داعوية الداعي على الالتفات له المفقود فيهما ، وفي الثالثة وإن أمكنت داعويته بسبب الالتفات إليه إجمالا ، إلا أن وجود المؤمّن منه مسقط له عن فعلية الداعوية عقلا.
أما المنجزية فالمعيار فيها بلوغه مرتبة الداعوية ، إما مع فعليتها بسبب القطع به أو قيام الدليل أو الأصل المعتبر عليه ، أو بدونها للغفلة المطلقة عنه أو القطع بعدمه عن تقصير ، لأن عدم فعلية داعويته حينئذ ـ لعدم الاحتمال الذي هو شرط في داعوية الداعي ـ لما كان مسببا عن تقصير المكلف فهو لا ينافي بلوغه مرتبة الداعوية عقلا. ولا سيما مع كون التقصير مستلزما للالتفات إليه إجمالا ، لأنه إنما يكون مع الالتفات إلى وجود أحكام في الشريعة يجب الخروج عنها ، ومثل هذا الالتفات كاف في التنجيز بعد عدم المؤمّن بسبب التقصير.
وبذلك يظهر ملازمة القطع بالواقع لتنجزه ، وعدم معذرية القطع بخلاف الواقع مع التقصير.