به ـ فكيف يمكن الاستدلال به على امتناع الردع عنه.
وثانيا : أن الردع عن العمل بالقطع ـ كالردع عن العمل بالظن ـ لا يرجع إلى الترخيص على خلاف الواقع المقطوع به ، بل إلى مجرد عدم حجيته ، وهو لا يناقض الواقع بوجه. نعم قد يستفاد الترخيص من الطرق والأصول الشرعية التي تجري مع عدم الحجة ، وكما أمكن جمع مفادها مع الواقع المظنون أو المحتمل على ما يأتي في مبحث الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري أمكن جمعه مع الواقع المقطوع به ، إلا مع المفروغية عن حجية القطع وامتناع الردع عنه التي يستغنى معها عن الاستدلال المذكور.
الثاني : أن هذه المسألة خارجة عن المسائل الأصولية ، لأن المعيار في المسألة الأصولية وقوعها في طريق استنباط الحكم الشرعي الفرعي ، لكونها إحدى مقدمات القياس المنتج له ، والقطع بنفسه وصول للحكم لا مقدمة للوصول إليه ، فهو عبارة عن العلم بالنتيجة المغني عن تكلف القياس المنتج لها ، والحكم معه كالحكم بعد الاستنباط.
الثالث : أن موضوع الحسن والقبح الفعليين هو الواقع المقطوع به ، لأنه موضوع الآثار والملاكات والأغراض المستتبعة للحسن والقبح ، ولذا لا يكون القطع الطريقي ـ الذي هو محل الكلام ـ مأخوذا في موضوع الكبريات العقلية والشرعية ، بل موضوعها الواقع بنفسه ، وليس القطع إلا محققا لشرط العمل التابع للاختيار ، فهو محقق لشرط العمل بالنتيجة لا شرط في موضوع الكبرى.
نعم حيث كان الحسن والقبح الفاعليان تابعين للاختيار الذي هو المعيار في المدح والذم وكان الاختيار تابعا للقطع كان القطع دخيلا فيهما ، مطلقا وإن كان خطأ وجهلا مركبا ، من دون أن يكون دخيلا في الحسن والقبح الفعليين ، وإن أوهمت ذلك كلمات بعضهم.