قال : «إنما يجوز الرجوع إلى الإطلاقات في دفع قيد كان التقييد به في عرضه ومرتبته ، بأن يكون من أحوال ما أطلق وأطواره ، لا في دفع ما لا يكون كذلك ، وقيد الابتلاء من هذا القبيل ، فإنه بحكم العقل والعرف من شرائط تنجز الخطاب المتأخر عن مرتبة أصل إنشائه ، فكيف يرجع إلى الإطلاقات الواردة في أصل إنشائه في دفع ما شك في اعتباره في تنجزه؟!».
المقام الثاني
فيما يكون موردا لتكليف فعلي مانع من ارتكابه
وذلك كتنجس طعام الغير ، حيث يحرم ارتكابه مع قطع النظر عن نجاسته. وقد يدعى مانعية التكليف المعلوم بالتفصيل في أحد الأطراف من منجزية العلم الإجمالي ، لأنه يوجب سلب القدرة عنه شرعا ، فلا يكون التكليف المعلوم بالإجمال فعليا لو صادفه واقعا ، فمع احتمال مصادفته له لا يكون معلوم الفعلية ، بل محتملها ، فلا يصلح للتنجز ، كما يتعين الرجوع في الطرف الآخر للأصل الترخيصي بعد عدم معارضته بمثله في الطرف الذي يعلم بالتكليف به تفصيلا.
لكن مانعية التكليف المعلوم بالتفصيل من فعلية التكليف المعلوم بالإجمال لو صادفه ليس بأولى من العكس ، وهو مانعية التكليف المعلوم بالإجمال من فعلية التكليف المعلوم بالتفصيل ، لعدم المرجح بعد كون كل منهما تام الموضوع ، بل يتعين البناء على فعلية كل منهما.
ومن ثم أصرّ بعض الأعيان المحققين قدسسره على عدم مانعية التكليف في بعض الأطراف من منجزية العلم الإجمالي. وتوضيح ما ذكره : أن التكليف بشيء بعنوان لا يمنع من التكليف به بعنوان آخر ، بل يتعين تأكّد التكليف ، الموجب لتأكّد الداعي العقلي ، وهو يكفي في منجزية العلم الإجمالي.