الأمر الثالث : لما كان المعيار في حجية الإجماع عندنا على موافقة المجمعين للإمام عليهالسلام فربما يظهر من بعض كلماتهم أن الإجماع اصطلاحا هو الاتفاق المشتمل على قول الإمام عليهالسلام بحيث يكون ظاهر ناقل الإجماع ـ مع عدم القرينة الصارفة ـ هو نقل قوله عليهالسلام في ضمن أقوال المجمعين.
لكنه خلاف الظاهر ، بل ظاهرهم إرادة إجماع العلماء أنفسهم ، ولو بلحاظ ملازمته لقول الإمام عليهالسلام بنظر الناقل ، كما يشهد به مقابلة الإجماع في كثير من الموارد بالخلاف ، واستثناء بعض الأشخاص من الإجماع وغير ذلك مما لا يناسب إرادة المعنى المذكور. ولا سيما إذا كان نقل الإجماع في مقام الاحتجاج به ، لظهوره في خصوصية اتفاق الجميع في الاحتجاج ، لا أن الاحتجاج بقول بعض المجمعين ـ وهو الإمام عليهالسلام ـ من دون أثر للباقين.
بل هو كالصريح من مثل نسبة الإجماع لعلمائنا ، أو أصحابنا ، أو فقهائنا ، أو فقهاء أهل البيت عليهمالسلام. نعم قد يحتمل إرادة دخوله عليهالسلام من مثل نسبة الإجماع للأمة أو المسلمين أو أهل الحق أو الطائفة المحقة.
ومثله ما ذكره شيخنا الأعظم قدسسره من اختصاص الإجماع اصطلاحا باتفاق أهل عصر واحد ، مستشهدا له ببعض كلماتهم.
فإنه وإن ناسب طريقة العامة ـ الذين شيدوا بالإجماع المزعوم خلافة الأولين المبتدعة ـ وطريقة القائلين بقاعدة اللطف منا ، إلا أنه لم يتضح بوجه معتد به بحيث يصلح لتحديد مصطلح خاص بذلك ، لتحمل عليه كلماتهم عند الإطلاق. ولا سيما مع ظهور كثير من كلماتهم في الفقه في إرادة إجماع جميع العلماء في جميع العصور. ويناسبه مقابلته بالخلاف بنحو يظهر منه إرادة الخلاف ولو بين أهل العصور المختلفة. ومن هنا لا مخرج عن مقتضى الإطلاق الظاهر في إرادة العلماء في جميع العصور.