نعم الاطلاع بطريق الحسّ على فتاوى أهل العصر الواحد ، فضلا عن علماء جميع العصور لا يتسنى عادة لأحد ، خصوصا المتأخرين ، مع تباعد الأمكنة ، وعدم تيسر الاطلاع على فتاوى كثير من العلماء ، أو لكونهم مغمورين لا ظهور لهم ، أو لضياع فتاواهم ، بل ربما لا يكون لبعضهم فتوى في المسألة ، لعدم نظره في أدلتها.
فلا بد من توجيه كلام مدعي الإجماع ، إما بحمله على إرادة خصوص أهل الفتاوي الظاهرة ، أو أهل الكتب المشهورة ، أو نحو ذلك ، وإما بحمله على إرادة الكل مع كون العلم بفتاواهم بطريق الحدس ، لاستبعاد مخالفتهم للمشهورين ، أو لابتناء الفتوى على أصل أو قاعدة إجماعية بنظر مدعي الإجماع ، كما تعرض لذلك شيخنا الأعظم قدسسره ، وأطال الكلام فيه.
إذا عرفت هذا فاعلم أنه حكي عن جماعة أن ما دل على حجية خبر الواحد في الأحكام يقتضي حجية الإجماع المنقول من قبل الثقة ، لأنه من أفراده ، لرجوعه إلى حكاية قول الإمام عليهالسلام في المسألة. بل ربما قيل : إنه من الخبر العالي السند ، لأن مدعي الإجماع يحكي عنه بلا واسطة.
والذي ينبغي أن يقال : حجية نقل الإجماع بملاك حجية خبر الواحد يبتني على أحد أمرين :
الأول : أن يكون مرجع كلام ناقل الإجماع إلى نقل قول الإمام عليهالسلام في ضمن أقوال المجمعين.
الثاني : أن يكون ما ينقله من الأقوال ملازما عقلا أو عادة لقول الإمام عليهالسلام ، فيكون خبره حجة فيه ، بناء على ما هو الظاهر من حجية الخبر في لازم مؤداه وإن لم يقصد المخبر بيانه.
أما الأمر الأول فهو بعيد عن ظاهر أكثر نقلة الإجماع ، كما سبق. مع أنه لا